او باما بين عشية وضحاها

 

 

اوباما  بين عشية وضحاها

زيــــــــــــاد البطاينه

تراجع أوباما بين عشية وضحاها عن موقفه ليعطي دليلا إضافيا على أنه لا يمكن الثقة بواشنطن إلا بقدر ثقة الفلسطينيين والعرب برغبة إسرائيل في إقامة السلام العادل والشامل في المنطقة،

لم يستطع الرئيس الأميركي باراك أوباما أن يثبت على موقفه المعلن من ضرورة قيام دولة فلسطينية مستقلة أكثر من 24 ساعة فقط ليصح عليه في خطابه الأخير المثل القائل كلام الليل يمحوه النه   ……. ولكن ما الذي دفع أوباما لهذا الموقف الذي سرعان ما تراجع عنه؟ ؟؟؟؟؟

 

 

أغلب الظن أنه أراد ركوب موجة ما يسمى بربيع الثورات في المنطقة حيث حاول تقديم رشوة للشعوب العربية بغرض تخفيف الضغط عن إسرائيل التي عاشت رعبا حقيقيا في ذكرى النكبة لهذا العام بفعل تحركات الشباب الفلسطيني المتمسك بحق عودته إلى دياره وأرض آبائه وأجداده رغم أنف الاحتلال وإجراءاته الدموية والقمعية.‏

فبمجرد وصول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو‏ إلى واشنطن بعد أن سبقته تصريحاته الغاضبة من الخطاب ابتلع سيد البيت الأبيض تعهداته معيدا تأكيد التزام بلاده بأمن إسرائيل وبقاء كيانها مستقرا وهو الشيء الوحيد الذي جاء نتنياهو لسماعه من حليفه الأميركي المتحفز لولاية رئاسية ثانية لن يحصل عليها ما لم يقدم فروض الطاعة والولاء للوبي الصهيوني المتحكم بدوائر صنع القرار في الولايات المتحدة.‏

ولعل أوباما حاول بطريقة ما النفاذ إلى اتفاق المصالحة الفلسطينية لضربه قبل أن يأخذ طريقه إلى أرض الواقع بعد أن شعر بخيبة إسرائيل الكبيرة من هذا الاتفاق، ولعلمه أن ثمة طرفاً فلسطينياً يمكن أن يعود إلى طاولة التفاوض المفخخة بالمزيد من الشروط والتنازلات مجددا بمجرد دعوته إليها.‏

بطبيعة الحال حاول أوباما في هذا الخطاب كما في خطاب القاهرة أن يوهم العرب أن بلاده ستلبي مطالب الفلسطينيين بإقامة دولتهم المستقلة، ولكن على مبدأ الماء يكذب الغطاس أثبت أوباما كغيره ممن سبقه أنه عاجز عن فرض الشروط على إسرائيل، وآخر تجاربه عندما فشل بإقناع إسرائيل العام الماضي بإعلان تجميد مؤقت للاستيطان، وهو ما نسف مسرحية المفاوضات المباشرة بين السلطة الفلسطينية والجانب الإسرائيلي.‏

أما تعهدات أوباما بدعم ثورتي تونس ومصر فهي إساءة مباشرة للشعبين الشقيقين في البلدين، لأن الأموال التي ستقدم على سبيل مساعدات وقروض والتي ستثقل بالشروط يراد لها أن تكون ثمنا رخيصا لتخلٍ باهظ عن قضاياهم الوطنية والقومية، وهذا ما يعيه جيدا أشقاؤنا في مصر وتونس، وهم سيردون على أوباما بطريقتهم وفي الوقت المناسب.‏


ولم يكن من الصعب التكهن في ما قصده أوباما » فقد   جاء في سياق خطاب اعتذاري من إسرائيل ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو الذي احتج على اقتراح الرئيس الاميركي الاسبوع الماضي إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967.
وقال اوباما، امام لجنة العلاقات العامة الأميركية الإسرائيلية (ايباك) امس، بعد أيام على خطابه حول الشرق الأوسط ولقائه مع نتنياهو في البيت الأبيض، إنه «حتى في الوقت الذي قد نختلف فيه، كما يفعل الأصدقاء أحياناً، فإن الروابط بين الولايات المتحدة وإسرائيل غير قابلة للكسر، والتزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل محصّن». وأكد ان إدارته جعلت أمن إسرائيل أولوية، وزادت التعاون العسكري إلى «مستويات غير مسبوقة»، بما في ذلك نظام «القبة الحديدية» المضاد للصواريخ، متعهداً الحفاظ على «تفوق إسرائيل العسكري النوعي

.
ولفت أوباما خلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر «ايباك» السنوي إلى العقوبات الأميركية والدولية التي فرضت على طهران، قائلاً «نبقى ملتزمين بمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية»، ومشيراً إلى أن إيران «تواصل دعم الإرهاب في كل أنحاء المنطقة، بما في ذلك توفير أسلحة وأموال إلى
مجموعات إرهابية. ولهذا سنظل نعمل على منع تلك الأعمال، وسنقف في وجه مجموعات، مثل حزب الله، تمارس الاغتيال السياسي وتسعى إلى فرض إرادتها من خلال الصواريخ والسيارات المفخخة».
وبعدما عدد التزام إدارته في دعم إسرائيل، من فيتو الأمم المتحدة إلى تقرير غولدستون، اعتبر ان المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس «تشكل عقبة ضخمة أمام السلام. ولا يتوقع من أي دولة أن تفاوض مع منظمة إرهابية يدعو ميثاقها إلى تدميرها». وأضاف «سنواصل الطلب من حماس قبول المسؤوليات الأساسية للسلام: الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود ونبذ العنف والالتزام بجميع الاتفاقيات القائمة».
وقال اوباما «مهما كان الأمر صعباً لبدء مفاوضات جوهرية في ظل الظروف الحالية، علينا ان نعترف بأن الفشل في المحاولة ليس خياراً، والوضع الراهن غير مستدام»، مشيراً إلى ان ما طرحه في خطابه الأخير حول حدود عام 1967 ليس جديداً، بل اعتمدته كل الإدارات الأميركية الســـــابقة، منذ الرئيس الأسبق بيل كلينتون على الأقل.
وشرح اوباما موقفه من هذه القضية، قائلاً إن الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني سيتفاوضان على الحدود، آخذين في الاعتبار «الحقائق الديموغرافية الجديدة على الأرض واحتياجات كلا الطرفين». وتابع «العالم يتحرك بسرعة كبيرة. التحديات غير العادية التي تواجه إسرائيل ستزداد. التأخير سيقوض أمن إسرائيل والسلام الذي يستحقه الشعب الإسرائيلي. اعلم ان البعض منكم يختلف مع هذا التقييم. احترم هذا الأمر. وكمواطن أميركي وكصديق لإسرائيل، اعلم انه يمكننا ان نقوم بهذا النقاش».
وتابع «أعرف جيداً أن الشيء الأسهل لفعله، لا سيما بالنسبة لرئيس يستعد لإعادة انتخابه، هو تجنب أي إشكالية. ولكن، كما قلت لرئيس الوزراء نتنياهو، أعتقد ان الوضع الحالي في الشرق الأوسط لا يسمح بالمماطلة. أعتقد أيضاً أن الأصدقاء الحقيقيين يتحدثون بصراحة وبصدق مع بعضهم البعض».
وذكر أنه أبلغ نتنياهو خلال الاجتماع أن «عدد الفلسطينيين الذين يعيشون غربي نهر الأردن يزداد بسرعة، ويعيد بشكل رئيسي صياغة الوقائع الديموغرافية لكل من إسرائيل والفلسطينيين. ومن دون تسوية، فإن هذا الأمر سيجعل من الصعب الحفاظ على إسرائيل كدولة يهودية وكدولة ديموقراطية».
واعتبر أوباما أن التكنولوجيا أيضاً ستجعل من الصعب على إسرائيل أن تدافع عن نفسها، كما ان «جيلاً جديداً من العرب يعيدون صياغة المنطقة. لم يعد يمكن تحقيق سلام عادل ودائم مع واحد أو اثنين من القادة العرب». ورأى ان المجتمع الدولي تغير أيضاً خلال السنوات الأخيرة، «ولهذا السبب يسعى الفلسطينيون إلى مصالحهم في الأمم المتحدة. إنهم يدركون ان هناك نفاداً للصبر من عملية السلام أو لغيابها، ليس فقط في العالم العربي، ولكن في أميركا اللاتينية وأوروبا وآسيا. ونفاد الصبر هذا يتزايد ويعبر عن نفسه في عواصم حول العالم».
وأكد انه لا يمكن فرض السلام على طرفي النزاع، وأن واشنطن لن تقبل بإنشاء دولة فلسطينية في الأمم المتحدة، مضيفاً «سنخضع الفلسطينيين للمساءلة على أفعالهم وخطابهم». وتابع «المسيرة لعزل إسرائيل دولياً، وتوجه الفلسطينيين للتخلي عن المفاوضات، سيستمران باكتساب المزيد من الزخم، في غياب عملية سلام ذات مصداقية وبديل. لكي يكون لدينا نفوذ مع الفلسطينيين ومع الدول العربية ومع المجتمع الدولي، فإن أســـاس المفـــاوضات يجب ان يحوي احتمال النجاح».
وختم اوباما قائلاً «لن نتخلى أبداً عن السعي إلى سلام عادل ودائم ينهي هذا النزاع بدولتين يعيشان جنباً إلى جنب في سلام وأمن. هذه ليست مثالية أو سذاجة. إنه إدراك صعب ان السلام الحقيقي هو الطريق الوحيد».
وعلى لائحة المتكلمين أيضاً خلال مؤتمر «ايباك»، الذي يعقد في مركز واشنطن للمؤتمرات وسط المدينة، كل من نتنياهو ورئيس مجلس النواب الاميركي جون بونر، ورئيس الأكثرية الديموقراطية في مجلس الشيوخ هاري ريد، والسيناتور الديموقراطي روبرت كايسي، والنائب الجمهوري اريك كانتور، والنائب الديموقراطي ستيني هوير.
ويعمل أعضاء في الكونغرس على إقرار مشروع القانون رقم 879 في مجلس الشيوخ، ومشروع القانون رقم 1714 في مجلس النواب تحت عنوان «حقوق الإنسان وتشجيع الديموقراطية في إيران»، حيث يتطرق النص أيضاً إلى الملف النووي الإيراني والمزيد من العقوبات الاقتصادية.
وتؤكد مصادر في الكونغرس لـ«السفير» انه يجري العمل على مشروع القانون كي يتزامن إقرار العقوبات مع انعقاد مؤتمر «ايباك». وأعضاء الكونغرس وراء مشروع القانون هذا، هما السيناتور الجمهوري مارك كيرك، والنائب الديموقراطي براد شيرمان، اللذان سيشاركان في أحد جلسات المؤتمر حول إيران.
في هذا الوقت، نفى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو انه يواجه أزمة مع أوباما بعد خلافهما العلني بشأن حدود الدولة الفلسطينية. وقال نتنياهو «التقارير التي تحدثت عن وجود خلاف كان فيها مبالغة». وأوضح «صحيح أن هناك بعض الخلافات في الرأي في ما بيننا ولكنها خلافات بين أصدقاء».
من جهته، قال وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك إن الخلافات بين إسرائيل والولايات المتحدة حول السلام هي أبسط مما تبدو عليه، معرباً عن اعتقاده بأن الأميركيين يعلمون جيداً هذه الخلافات البسيطة. ورأى باراك أن خطاب أوباما كان إيجابياً لإسرائيل، موضحاً «لا أعتقد أن أوباما قال إنه من الضروري العودة إلى حدود عام 1967، بل إنه أكد الحاجة إلى بدء مناقشات استناداً إلى حدود عام 1967».
بدوره، اعتبر نائب وزير الخارجية الإسرائيلي داني يعالون أن خطاب أوباما كان إيجابياً بالقدر الذي كانت تتطلع إليه إسرائيل، مشيراً إلى أن «أوباما ما زال ملتزماً بدعم إسرائيل كدولة يهودية، حتىحتى أنه طلب إجابات من الفلسطينيين في ما يتعلق باتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس».

pressziad@yahoo.com