قراءة أولية في الورقة النقاشية السادسة للملك


في الورقة النقاشية السادسة التي نشرتها جريدة الرأي أخيرا رسم جلالة الملك عبدالله الثاني خارطة طريق لمستقبل الأردن من مختلف النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها في ضوء التطورات الإقليمية الكثيرة والنزاعات التي تدور من حولنا وأثارها المباشرة على دول الاقليم.


وانطلاقا من هذه الظروف الاقليمية الصعبة والواقع المرير الذي تمر به المنطقة وجد الملك أنه من الضروري تحديد مسارنا نحو المستقبل بوعي وادراك لتحديات الواقع ورؤية واثقة تحقق طموح أبنائنا وبناتنا وصولا الى تكريس الأمن والسلام والازدهار للوطن والمواطن الذي يستند الى سيادة القانون المعبر الحقيقي لحب الوطن والتضحية من أجله وهو الأساس الذي تبنى عليه الديموقراطيات الحديثة المتطورة والمجتمعات المنتجة.

مضامين الورقة النقاشية السادسة لجلالة الملك ركزت على قضايا داخلية في غاية الأهمية لاستكمال مسيرة الاصلاح الشامل من مختلف جوانبها ، فإعلانات الولاء والتفاني للأردن تبقى مجردة ونظرية في غياب الاحترام المطلق للقوانين،وإن مسؤولية تطبيق وإنفاذ سيادة القانون بمساواة وعدالة ونزاهة تقع على عاتق الدولة، ولكن في الوقت نفسه، يتحمل كل مواطن مسؤولية ممارسة وترسيخ سيادة القانون في حياته اليومية.

وعبر الملك عن غضبه وألمه من بعض الممارسات التي تخالف القانون كاطلاق العيارات النارية في الأفراح ، وعدم احترام قانون السير، وعدم مساءلة بعض المجرمين وما تسببه هذه الأمور من قتل وجرح الأبرياء من أبناء الوطن دون وازع من ضمير أو احترام لسيادة القانون مذكرا أن غياب سيادة القانون والتطبيق العادل له كان عاملا رئيسيا في الوصول إلى الحالة التي نشهدها في العديد من دول الأقليم.

كما أن شعور أي مواطن في مجتمعنا بالخوف والظلم لأنه ينتمي إلى أقلية، يضعنا جميعا أمام واقع يستند إلى أساس مهزوز. و ضمان حقوق الأقلية متطلب لضمان حقوق الأغلبية. وأن كل مواطن لديه حقوق راسخة يجب أن تُصان؛ وسيادة القانون هي الضمان لهذه الحقوق والأداة المثلى لتعزيزالعدالة الاجتماعية، وعلى كل مواطن أن يعبر عن حبه لبلدنا العزيز من خلال احترامه لقوانينه، وأن يكون عهدنا بأن يكون مبدأ سيادة القانون الأساس في سلوكنا وتصرفاتنا يقول الملك.

ولخص جلالته الصفات التي تميز الدولة المدنية بقوله انها دولة القانون التي تستند إلى حكم الدستور وأحكام القوانين في ظل الثوابت الدينية والشرعية، وترتكز على المواطنة الفاعلة، وتقبل بالتعددية والرأي الآخر، وتُحدد فيها الحقوق والواجبات دون تمييز بين المواطنين بسبب الدين أو اللغة أو اللون أو العرق أو المستوى الاقتصادي أو الانتماء السياسي أوالموقف الفكري.

الورقة النقاشية السادسة منهاج عمل واضح لمؤسساتنا التنفيذية والتشريعية والقضائية وتتطلب تفعيل المبادئ والأسس التي تضمنتها بمشاركة تامة من مختلف شرائح المجتمع واتجاهاته وصولا الى تحقيق رؤية جلالته في ترسيخ الديموقراطية وضمان أمن واستقرار الاردن وتطوره وازدهاره .