المحافظات تكثف من قصفها للبخيت
اخبار البلد _ دفعت المسيرات الشعبية التي انطلقت الجمعة الماضية في عدة محافظات، مراقبين إلى التنبؤ ببدء مرحلة جديدة من الحراك المطالب بالإصلاح، يتصدره أبناء العشائر من مختلف المحافظات والقرى والأطراف.
وبحسب المراقبين، فإن تظاهرات الجمعة كثفت من القصف المباشر لحكومة معروف البخيت، معتبرة أن رئيس الوزراء بات "جزءاً من منظومة الفساد التي يحاربونها".
وتذهب مصادر سياسية إلى حد القول بأن المدن البعيدة عن العاصمة، ستشهد خلال المرحلة القادمة مطالبات بالتغيير الشامل، بسقوف أعلى من تلك التي تتبناها النخب والقوى السياسية "التقليدية" في عمان.
ووفقاً للمصادر، فإن خروج أبناء المحافظات عن صمتهم، من شأنه أن "يفوت الفرصة على الأجهزة الأمنية، التي تسعى لتصوير أبناء العشائر والبادية كمناوئين للإصلاح والحريات العامة".
وبحسب متابعين فإن التحرك الأبرز كان في محافظة الطفيلة، حيث خرج المئات مطالبين برحيل الحكومة، على إثر اعتقال 22 من شبان المدينة لمنعهم رئيس الوزراء من الوصول لمبنى المحافظة يوم الاثنين الماضي، وقد أفرج عنهم لاحقاً.
ومن أهم الشعارات التي رفعت في المظاهرة "السلطة التنفيذية + السلطة التشريعية + السلطة القضائية = الأجهزة الأمنية".
ويقول المحلل السياسي الدكتور محمد أبو رمان لـ"السبيل"، إن "التغير الأهم في الحراك الذي يشهده الشارع منذ عدة أشهر، هي التظاهرات التي انطلقت الجمعة في محافظتي الطفيلة والكرك، فضلاً عن البيانات التي صدّرتها عشائر بني حسن وعشائر أخرى، للمطالبة بمكافحة الفساد وتحقيق الإصلاح المنشود".
ويضيف أن "تلك التحركات تبعث برسالة مناقضة للصورة التي حاولت بعض الجهات الرسمية إيصالها عن المحافظات، من خلال القول بأن العشائر ضد التغيير".
ويرى أبو رمان أن "التحركات التي باتت تشهدها القرى والمحافظات، تكشف عن الصوت الحقيقي لأبناء العشائر، وهو الصوت الذي يشعر بالغضب نتيجة استشراء الفساد وفشل السياسات الرسمية".
ويؤكد أن الصوت المذكور هو "الأكثر تشدداً، الذي لا يعترف بالسقوف الموجودة في عمان"، موضحاً أن "الأغلبية الصامتة في المحافظات ستنطق بما لا ينطق به الآخرون".
وفيما يتعلق بإدارة الحكومة للأزمات التي تمر بها البلاد، يتحدث أبو رمان عن تجربة "كارثية" للبخيت وفريقه الوزاري.
ويرى أن الرئيس "عاد إلى تكرار أخطائه السابقة وزاد عليها كثيراً، حيث أنه لم يتمكن من إنجاز أي مشروع إصلاحي خلال الأربعة أشهر الماضية".
ويقول: "هناك مشكلة حقيقية في شخصية الرئيس؛ فهو لا يدرك الفرق بين سلطة رئيس الوزراء ومصطلح كبير الموظفين. الأجهزة الأمنية هي من تعاملت خلال الفترة الماضية مع الحراك الإصلاحي على أرض الواقع".
ويتابع: "مبادرة البخيت انتهت عملياً، والحديث عن رحيله بات مسألة وقت".
أما المحلل السياسي الدكتور محمد المصري، فيرى أن "شرارة الاحتجاجات انطلقت منذ البداية من بلدة ذيبان في محافظة مأدبا"، محذراً الحكومة من مواجهة أبناء المحافظات، الذين يشعرون بالتهميش السياسي والاقتصادي وحتى الاجتماعي، على حد قوله.
ويؤكد المصري أن الحكومة فشلت في إرسال برقيات التطمين للمواطنين، حول جديتها في تحقيق الإصلاح ومحاربة الفساد.
ويتحدث عن تيارين داخل الحكومة "أحدهما يتبنى الخيار المتقدم لتحقيق الإصلاح، يتصدره وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال طاهر العدوان، وآخر لا يجيد الحديث إلا بالشعارات البراقة".
ويعتقد أن حكومة البخيت تعيش في مأزق حقيقي، بعد أن "فشلت في إقناع المواطن بقدرتها على قيادة المرحلة"، قائلاً إن هناك "نمطاً جديداً يتشكل داخل الأطاريف والمحافظات؛ لتسلّم زمام مبادرة حقيقية تدعو إلى الإصلاح المنشود".
وتحذر الكاتبة رنا الصباغ، من أن التأخر في الإصلاح يشي بحالة من الغضب الشعبي المتلبد في سماء المحافظات, وسط شعور بالغبن والقهر وتدوير الوعود الحكومية، على حد وصفها.
وتشير في مقال لها، إلى أن البخيت في هذه الأيام منشغل بـ"قلع الشوك بيديه", بعد أن تخلّت عنه "مراكز القوى في وقت مبكر نسبياً من متوسط عمر الحكومات".
في المقابل، يؤكد وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال طاهر العدوان، حرص السلطة التنفيذية على تحقيق الإصلاح "بأسرع وقت ممكن".
ويقول لـ"السبيل": "الحكومة جادة في مكافحة الفساد، وتحقيق التغيير المنشود، مهما كلّف الثمن".
يشار إلى أن الأردن يشهد منذ كانون الثاني الماضي احتجاجات مستمرة تطالب بإصلاحات اقتصادية وسياسية ومكافحة للفساد.
وتشمل مطالب العديد من الفعاليات الشعبية، وضع قانون انتخاب جديد، وإجراء انتخابات مبكرة، وتعديلات دستورية، تسمح للغالبية النيابية بتشكيل الحكومة بدلاً من أن يعيِّن الملك رئيس الوزراء.