المطلوب احترام الدستور والمبادئ الدولية للديمقراطية
بعد اغلاق ستارة المشهد الانتخابي لمجلس النواب الثامن عشر كان لا بد وعملا بالعرف السياسي السائد ان تتقدم الحكومة باستقالتها, وهذا ما تم بالفعل ليعاد تشكيلها بكتاب تكليف ملكي يؤكد المحاور التي تضمنها كتاب التكليف الملكي لحكومة د. هاني الملقي قبل حوالي اربع شهور ونيف.
وأما الغرفة الثانية من مجلس الامة اي مجلس الاعيان فتم تعيينه قبل يوم من اعلان تشكيلة الحكومة الثانية للدكتور الملقي.
وهنا يستوقف كل حزب سياسي وكل مؤسسة مجتمع مدني مستقل وكل مفكر سياسي او ناشط حقوقي او اعلامي سؤال يتمثل في هل جاء تشكيل الحكومة ومجلس الأعيان بما يتوافق مع الدستور الاردني, والذي يشكل المرجعية العليا للحكم على كافة القرارات السياسية والادارية وبالطبع التشريعية, ثم يتم الاستناد الى العهود والمواثيق الدولية التي صادق عليها الاردن كمرجعية في حال وجود نقص او انتهاك لاحكام هذه العهود في المواثيق الدولية ثم أخيرا مدى توافق ذلك مع المبادئ الديمقراطية المتعارف عليها عالميا للانظمة الديمقراطية.
للاجابة على هذه التساولات اخلص الى ان تشكيلة الحكومة ومجلس الاعيان لا تتفق والمرجعيات الثلاث التي ذكرتها آنفا وهي الدستور الاردني والعهود والمواثيق الدولية والمبادئ الاساسية للديمقراطية وذلك للامور التالية:
أولا:بالرغم من ان اختيار الوزراء هو قرار سياسي إلا أنه لغياب الاسس الديمقراطية بأن تتشكل الحكومات من احزاب وشخصيات سياسية الا ان الاختيار الذي اعتمد على المحاصصة الجغرافية دون غيرها يشكل انتكاسة لما يسمى الاصلاح السياسي, لأن الخطوة الاساسية بمسيرة الاصلاح السياسي تتجسد في الاختيار على اساس المواطنة والكفاءة والسيرة الذاتية للانسان المرشح على صعيد العمل العام. وبالتأكيد الافضل على صعيد انخراطه بالاحزاب السياسية والفعاليات السياسية والحقوقية.
والمتمعن لآلية تشكيل الحكومات نجد سرعة او تعدد اجراء تعديلات وزارية او اجراء عملية نقل حقائب وزارية وهذا يعني ان لم نتفق على انه فشل في الاداء الا انه يعتبر سوء اختيار بما يتلاءم مع امكانية وقدرات الوزير المعين.
ثانيا: أما فيما يتعلق بتعيين مجلس الأعيان فجاء مخالفا للدستور وللعهود والمواثيق الدولية وللمبادئ الديمقراطية المتعارف عليها دوليا.
فالقارئ لتركيبة المجلس انه ضم في عضويته من لا تنطبق عليه شروط عضوية مجلس الاعيان المنصوص عليها في المادة 64 من الدستور.
كما ان مجلس الاعيان من حيث المبدأ ايضا يتناقض مع مبدأ فصل السلطات الثلاث »التنفيذية , التشريعية والقضائية« وهي شرط اساسي من الشروط التي يجب ان يتضمنها اي نظام ديمقراطي.
كذلك فان الحكومة ومجلس الاعيان في بعض اعضائها لا تتفق مع احكام المادة 22 من الدستور الاردني.
ثالثا: ان تشكيل الحكومة ومجلس الاعيان وفق الأسس السابقة تتناقض مع العهود والمواثيق الدولية التي صادق عليها الاردن, وعلى رأس هذه العهود العهد الخاص بالحقوق السياسية والمدنية, وذلك لحرمان المواطن من انتخاب من يحكمه »أي الحكومة«.
فالأصل أن تنال السلطتين التنفيذية والتشريعية ثقة ورضى غالبية المواطنين عبر انتخابات نزيهة وممثلة تمثيلا عادلا للمواطنين.
لذلك فالمطلوب وحتى نتفق بأن الاردن سائر على طريق بناء نموذج ديمقراطي لا بد من احترام المبادئ المذكورة اعلاه اضافة الى ضرورة ترجمة المبادئ التي تضمنتها الاوراق النقاشية لجلالة الملك الى تشريعات أي تحويل النوايا الى واقع يلمسه المواطن.
ودون ذلك فان الثقة الجماهيرية بالحكومة ومجلس الأمة ستضعف وهذا ما لا نتمناه لوطننا و لشعبنا.