تطوير القضاء يبدأ من إصلاح التعليم القانوني ويتوقف على الإرتقاء بمهنة المحاماة

القضاء والمحاماة جناحا العدالة ومن الصعوبة بمكان تطوير القضاء دون رفع كفاءة وفاعلية المحامين بإعتبارهم الشريك الرئيس في العمل القضائي، بالإضافة الى توفير متطلبات التطوير من تأهيل الكوادر الوظيفية لدى المحاكم وتوفير التسهيلات التقنية منها والمادية.
ولعل إشارة البدء في إصلاح وتطوير مرفق القضاء في الأردن ، يحتاج الى معالجة مسببات ضعف الأداء القضائي، بدءأ من مراجعة أسس التعليم القانوني وتطويره بصورة تدعم خطط وبرامج تطوير القضاء ورفع كفاءة الأداء المهني للمحامين؛ ذلك أن ضعف مناهج كليات القانون وعدم كفاءة أساليب التعليم وغياب طرق التعلُم يؤدي الى ضعف مخرجات برامج القانون مما ينعكس سلباً على مدخلات مرفق القضاء ومدخلات مهنة المحاماة؛ إذ تخلو برامج القانون من الكثير من المهارات الأساسية المطلوبة من القانونيين وفقا لمتطلبات وإحتياجات سوق العمل او لمعايير النوعية وضبط الجودة العالمية، فلا نجد على سبيل المثال أي مساق يتناول أخلاقيات وآداب مهنة المحاماة أو القضاء، والمساقات الداعمة لمهارات اللغة والتواصل، ومن حيث أساليب التعليم فتكاد تخلو من الوسائل التفاعلية والمحاكاة والإعتماد على التعلم الذاتي والبحث والممارسة التطبيقية والعملية للقانون، وتقتصر في كثير منها على الأسلوب المتبع في مراحل التعليم الأساسي المدرسي، وإن كانت الجامعات مؤخراً قد بدأت بتطبيق بعض من النشاطات الداعمة لتلك المهارات كمسابقات المحاكمات الصورية والعيادات القانونية، إلا أنها تبقى نشاطات ثانوية وإستعراضية وغير ذات جدوى، على الرغم من امتلاك الجامعات الأردنية المقدرة على النهوض بالمستوى المهني للقانون بشقيه المحاماة والقضاء.
ومن جهة ثانية فإن ضعف كفاءة آلية التدريب لدى نقابة المحامين وعدم وجود برامج التعليم والتطوير المستمر، وعدم مراعاة قيود وضوابط العمل المهني وآداب المهنة يساهم أيضا في بطء فاعلية الأداء المهني والذي يؤثر على العمل القضائي، فضلا عن المعوقات التي تواجه قسم كبير من المحامين في المساهمة في تطوير العمل القضائي، والتي تعود أي المعوقات الى ضعف الكوادر الوظيفية لدى المحاكم من حيث التأهيل والكفاية العددية او التسهيلات التقنية والمادية، وغياب مفهوم الشراكة بين المحاماة والقضاء في تعزيز حكم القانون ومراعاة مقتضيات العدالة، بالإضافة الى نصوص القانون الإجرائية التي تمكّن من إطالة عملية التقاضي.
ومن جهة ثالثة فإن تعزيز الشفافية وضمان الإستقلالية في القضاء من أهم المحاور التي يجب التركيز عليها ضمن التوجه الإصلاحي لمرفق القضاء، فضلاً عن معالجة ضعف كفاءة القضاء والذي من شأنه المساهمة في إطالة أمد التقاضي بسبب فسخ الأحكام، وكذلك حل إشكالية العبء الكبير الملقى على الهيئات الحاكمة، إذ يصل مدوّر عدد القضايا لدى السادة القضاه الى حد يؤثر بشكل وبآخر على الإداء وحصيلة الإنجاز.
ولعل المحاور الثلاث السابقة؛ التعليم القانوني، والفاعلية المهنية، وتحديات العمل القضائي تعد سلسلة مترابطة يضفي كل منها بظلاله على الآخر، مما يتعين مراعاتها للوصول الى مستوى من التطور أو التطوير لمرفق القضاء، وأضيف على كل ما سبق بأن تقبل فكرة التطوير بحد ذاتها وقبول حكم سيادة القانون والنزاهة لدى شركاء العمل القضائي من المحامين والجهاز القضائي والكادر الوظيفي لدى المحاكم هي ضمانة نجاح خطة تطوير القضاء المأمولة.