اللوبي التجاري يفرض مصالحه


باللجوء إلى نظرية المؤامرة، نستطيع القول إن هناك تصميماً رسمياً على إبقاء الموازنة العامة في حالة عجز، وإبقاء المديونية في حالة ارتفاع، وذلك للحيلولة دون تحقيق الاستقلال المالي والاقتصادي.


يتطلب برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد الدول زيادة الإيرادات المحلية لتخفيض عجز الموازنة تدريجياً، وفي مقدمة الأدوات التي تحقق هذا الغرض إعادة النظر في الإعفاءات والتخفيضات السخية من ضريبة المبيعات.

لم تستطع الحكومة أن تصمد في وجه اللوبي التجاري، خاصة بعد أن ثبت لديها أن معظم الإعفاءات والتخفيضات تشكل خسارة صافية للخزينة، ولكنها لا تحقق النتائج المرجوة بشكل تخفيض الأسعار لتحسين القدرة الشرائية للمواطن، أو تشجيع الاستثمار والتوسع لخلق فرص عمل وتخفيض معدل البطالة ، ذلك أن تخفيض الضريبة يوسع هامش الارباح ، وتبقى الأسعار على حالها ، لأن السوق استوعبها ، والمستهلك اعتاد عليها ، وليس من المحتمل ان يستفيد من الإعفاءات والتخفيضات.

هناك (خشية) من أن إعادة النظر في الإعفاءات والتخفيضات ستؤدي إلى زيادة الإيرادات المحلية وتخفيض العجز وتحسن نسبة الاكتفاء الذاتي، ولذلك فلا بد من إجراء معاكس مثل تخفيض سقف الضريبة البالغ 16% لكي تخسر الخزينة في اليمين ما كسبته في اليسار.

كان من الطبيعي ان يتحرك اللوبي التجاري لتخفيض سقف ضريبة المبيعات ، وهو الذي قدم التوصية بهذا التخفيض ، فالمهم هو زيادة الأرباح وليس الاستقرار المالي للبلد.

لا تقف مطالب اللوبي التجاري عند التوصية بتخفيض ضريبة المبيعات ، فإن تخفيض رسوم الجمارك لا يقل أهمية ، لأنه ينعكس على رفع هامش الأرباح دون أن يؤثر على الأسعار، وما ذكرناه عن ضريبة المبيعات ينطبق إلى حد بعيد على رسوم الجمارك.

رفع رسوم الجمارك على المستوردات أولى من تخفيضها، ليس فقط لزيادة إيرادات الخزينة ، بل أيضاً لحماية الإنتاج الصناعي الذي لم يعد قادراً على المنافسة مع المستوردات الرخيصة والمدعومة.

إذا سارت الحكومة بهذا الاتجاه ، فإنها لن تلحق الضرر بالخزينة والموازنة وبرنامج الإصلاح فقط ، بل تسهم أيضاً في خنق الصناعة الوطنية التي تعاني ، وتقول الإحصاءات إن حجم الإنتاج الصناعي يتراجع سنة بعد أخرى وأسعار المنتجات الصناعية تنخفض عاماً بعد آخر، لعدم القدرة على الصمود في وجه الصناعة التركية والخليجية والصينية...