بعد الشراكة بين الإسلاميين وعبيدات .. أيهما ورط الأخر بنفسه؟
اخبار البلد : بسام البدارين - أيهما ورط الأخر بنفسه.. التيار الإسلامي أم أحمد عبيدات؟..هذا السؤال يبدو محوريا في خارطة السياسة الأردنية هذه الأيام بعدما عاد لمسرح الأحداث وبقوة رئيس الوزراء الأسبق أحمد عبيدات إثر إسقاط إسمه وإسم زيد الرفاعي من لائحة اللجنة التي شكلت لتقييم سلسلة مرتقبة من التعديلات الدستورية.
وعبيدات صاحب المبادرات التي تستقطب الصحافة وتثير الشغب والنقاش العام لم يعد ببساطة للواقع السياسي، كما كان يفعل من قبل، بل عبر إطار متجدد بإسم الجبهة الوطنية للأصلاح مع رافعة قررت بذكاء من تلقاء نفسها الإختباء قليلا خلف إسم اللاعب ذي الشعبية والمصداقية الكبيرة في الشارع وهي رافعة أحزاب المعارضة وعلى رأسها حزب جبهة العمل الإسلامي.
ولم يعرف بعد ما إذا كان لمهندس المبادرات الديناميكي في المعارضة الإسلامية الشيخ زكي بني إرشيد اي دور في ظل حدث عمان الجديد لكن عبيدات رغم كل شيء وبالشكل الذي عاد به للأضواء مع شركاء غير متوقعين إطلاقا خلط الإوراق وأقلق فورا بعض ضعاف الخبرة والدور في مؤسسات ومفاصل القرار وهم كثر بالأساس.
وبوضوح تستبق مبادرة عبيدات لإعلان جبهة الإصلاح الوطنية المنتجات التي يفترض أن تقدمها للشارع قريبا لجنة تعديلات الدستور ولجنة الحوار الوطني برئاسة المخضرمين أحمد اللوزي وطاهر المصري حتى وإن كان صاجبها يتحدث عن تكامل وليس معارضة.
ومن السابق لأوانه تقييم مستوى سريان المبادرة الجديدة في الواقع الموضوعي المشتبك والباحث عن عناوين مثيرة لإصلاح يتحدث عنه الجميع بدون تفصيل او تحديد لكن البداية الإستباقية لا شك قوية وصلبة لدرجة ان محطة الجزيرة القطرية إلتقطت مبكرا المشهد وفردت مساحة إخبارية واسعة قليلا لعبيدات لكي يتحدث عن مشروع إصلاحي جديد بطعم مختلف تماما عن ذلك الذي تتحدث عنه الحكومة والسلطة.
والمثير في المسألة ان مشروع عبيدات الجديد لا يمكن إتهامه بالطابع الإسلامي او تصنيفه في دائرة المعارضة فقط فالرجل مدير سابق للمخابرات وللوزراء وإلى وقت قريب كان مسؤول ذراع الدولة في ملف حقوق الإنسان وعملية تأهيله أو إستقطابه للإلتحاق بالنظام فشلت عدة مرات بعدما إستمرت سياسة الإستعانة بالضعفاء وتجاهل الزعماء كما يقول النشط السياسي محمد الحديد.
وهنا حصريا تكمن الخلطة السرية فعبيدات يعرف بأن الشراكة مع الإسلاميين وبعض اليساريين ستؤدي إلى تخصيص مساحة للطرفين حتى في ظل رئاسته للتجربة الجديدة.
والشركاء يعلمون بأن الجلوس خلف حافلة يقودها عبيدات تحديدا دون غيره يعني اللجوء لقواعد جديدة في اللعبة خصوصا إذا قرر السائق الإستمرار في الرحلة هذه المرة أو إذا قرر الركاب البقاء في الحافلة.
وذلك لا يعني إلا حقيقة واحدة فالمشهد الأردني بصدد تجربة سياسية إئتلافية طازجة و بمعايير وأدوات جديدة تماما تعيد الإسلاميين كمبادرين وأصحاب حضور في الشارع من نافذة مختلفة بعدما حاولت الحكومة إبعادهم من البوابة إثر أحداث الدوار الشهيرة.
وإذا ما نجح عبيدات فيما يخطط له بخصوص إستقطاب شخصيات فريدة وأساسية في المعارضة لجبهته العريضة ستكون البلاد لأول مرة بصدد مشهد مستجد يجلس فيه قادة التيار الإسلامي ومناضلو جبهات اليسار إلى جانب نخبة من أصلب خصومهم في السياسة من طراز ليث الشبيلات وتوجان الفيصل وغيرهم.
وفي تجربة من هذا النوع لا إعتصامات ولا حراكات إعتباطية في الشارع ولا قيادات غامضة او موفدة لتحريك الناس بل التركيز على أجندة إصلاحية تعيد تماما إنتاج الواقع وتخطف - وقد يكون هذا الأكثر حساسية - خطاب الإصلاح السياسي ليس فقط من الحكومة الأردنية بل من مؤسسات الدولة.
وذلك رهن بطبيعة المنتج الذي سيقدمه عبيدات ورفاقه الجدد رغم الملاحظات المتعددة في الشارع على برامج الرجل السابقة التي لم تكتمل وإذا إمتلك هذا المنتج الحد الأدنى من الإقناع والجدية والإستمرارية فالسياق السياسي سيدخل في مزاج مختلف تماما لا يستند على أساس متين بعنوان جوده المنتج الجديد مهما كان بل على ضعف مصداقية المبادرات الحكومية والرسمية في مجال الإصلاح الحقيقي.
مفردات عبيدات الأولى التي بدأها في مدينة الفحيص غرب عمان ثم إربد شمالها ثم ضاحية منجا جنوبها قبل الإطلالة على 60 مليون مشاهد عبر الجزيرة.. مفردات قوية وصادمة في مباشرتها فالرجل إتهم السلطة برعاية جدل الأصول والمنابت وذهب مباشرة كخبير بإتجاه التحدث عن تعدي الأجهزة الأمنية على صلاحياتها الطبيعية وإنتقد بقوة سحب الجنسيات وشكك بشرعيته.
إذا كان عبيدات مزنرا هذه المرة بالإسلاميين واليساريين والمستقلين سيقف على محطات مطابقة للبدايات التي بشر بها في ثلاث محافظات.. إذا حصل ذلك يمكننا ترقب موسم سياسي إصلاحي أكثر إثارة خلال الأسابيع القليلة المقبلة في الأردن تتبدل فيه الكثير من قواعد اللعبة.. عندها فقط لا يعود السؤال مهما حول أي منهما سحب الأخر للعبته الإسلاميون ام عبيدات؟