تلة الايجاز التي ضمت رفات (الشيخ عودة عويد السرحان)
تلة الايجاز هي مصطلح عسكري للمنطقة المرتفعة بمنطقة التدريب (المناورة) التى يتم فيها تقديم عرض موجز بفجراليوم الاخير للتمارين العسكرية للقطعات المشاركة من قبل القادة العسكريين لمقام جلالة القائد الاعلى والوفود الصديقة والشقيقة من ملحقين عسكريين وخلافة .
فقد انتقل إلى رحمته تعالى الأربعاء الشيخ عودة عويد السرحان، والد اللواء غازي السرحان (أبو سيف) قائد المنطقة الشمالية إثر حادث سير مؤسف.إنـا لله وإنـا إليه راجعون .
وفور سماع النبأ المؤلم تداعيت انا وعدد من ابناء العمومة للحاق بصلاة الجنازة على الفقيد الكبير عقيب صلاة العصر بمقبرة سما السرحان الواقعة على الحدود الاردنية السورية .
حيث توجهنا بعدة سيارات تحركت بنا برحلة طويلة نسبيا سمحت لنا بالحديث عن الشيخ ابو غازي رحمة الله ومشاركته لنا عبر السنون الطوال بالسراء والضراء نحن اصهاره من قبيلة العجارمة كما كل اطياف الشعب الاردني الغالي من شتى اصوله ومنابته .
كانت الرحلة من ام البساتين باتجاه عمان شارع الحزام الدائري ثم من اشارة الغاز باتجاه اوتستراد جامعة الاسراء / الزرقاء وهو بحق طريق اشاهده للمرة الاولى يعكس حجم الانجاز الكبير للدولة الاردنية بمجال البنية التحتية وخصوصا منطقة حوض الماضونة التي ستكون قبلة الاستثمار والعمران الجديد للعاصمة عمان مما اضفى على نفسي السكينة والهدؤ بان تضحيات الرواد ممن بنوا هذا الوطن كالحسين بن طلال ورفاق دربه من قادة الجيش العربي كالمرحوم الشيخ عودة عويد السرحان لن تذهب هدرا رحمهم الله جميعا .
تهادت قافلتنا الصغيرة من الطريق السريع المار بباب الكلية العسكرية الملكية ومدرسة اللاسلكي الملكي التي هزت مشاعر اخي المحامي الاستاذ علي حيث سبق له الخدمة بها لنطوي المراحل ما بين الزرقاء للمفرق وصولا لسما السرحان والجيش العربي هو مدار حديثنا عبر تاريخه الطويل فالفرقة المدرعة الثالثة الملكية فرقة الملك عبدالله الثاني قد غادرت معسكرات الزرقاء لتحل مكانها مدينة خادم الحرمين الشريفين ولا زال المكان يغض بعبق الجنود والدبابات والضباط والعسكر الذين احبهم الشيخ عودة عويد حتى اليوم الاخير في حياته .
اما المفرق فلا تسل عن المفرق مربض الاسود عرين الفرقة المدرعة الخامسة الملكية المنطقة العسكرية الشرقية اليوم وذكريات لا تمحيها الايام في نفسي بزيارتي لعمي المرحوم احمد عودة محارب اثناء قيادته للواء الشهيد وصفي التل المدرع 99 الملكي عام 1994 وانا هنا لا زلت اتحدث عن المرحوم عودة عويد فقصة الجيش العربي هي الجامع المشترك بيننا وحب هذا الجيش هو ما يعزي قلوبنا على رحيل تلك القامات العالية من رفاق الحسين وابي الحسين امد الله بعمره .
مشكلة الاردنيين مع الاعلام الذي لم يترجم قصتهم الحقيقية لليوم فرحيل قامة عالية مثل الشيخ ابو غازي لا يجب ان تمر مرور الكرام بل تحتاج الى ايجاز عسكري رفيع وريشة رسام مبدع وقلم كاتب فذ لتصوير قصة الانسان الاردني الذي جاهد بفلسطين وبنى الاردن وعاش لاصلاح ذات البين فعلى هذه الارض ما يستحق الاشادة والحياة .
وصلنا للمقبرة بسما السرحان عقيب صلاة العصر وكانت مقامة على ربوة مشرفة مطلة على الحدود الاردنية السورية حيث تضم رفات الراحل الكبير الشيخ عودة عويد السرحان حيث الاف الرجال يشيعونه من مدنيين وعسكريين .
كانت بحق تلة الايجاز وهي تبرز الدور الكبير لعشائر بدو الشمال - وهو السبب الخفي لكتابة هذا المقال – فالراحل الكبير كانت ابرز انجازاته في السنوات الخمس الاخيرة هي القيادة المدنية الفاعلة والمؤثرة لهذه التجمعات السكانية الكبيرة في هذه المنطقة الاستراتيجية البالغة الخطورة على مستقبل الاردن الهاشمي في وجه عصابات الشر المطلق على الجانب الاخر من الحدود .
فقد صمدت عشائر وقبائل بدو الشمال صمود الابطال في وجه مخططات اجهزة الاستخبارات والمخابرات المعادية لمشروع الاردن الهاشمي وكانت جيشا خلف الجيش وكان ابو غازي قائدا مدنيا عشائريا فذا كما هو اليوم ابنه عطوفة قائد المنطقة العسكرية الشمالية فالهدف واحد والشعب والجيش بخندق الملك البطل .
رحمة الله على الفقيد الكبير الذي سمح لنا بالوصول لتلة الايجاز لنترحم عليه ونطمئن على حدودنا الشمالية واننا ننعم اليوم بالامن والامان في اردننا الغالي نتيجة تضحيات اؤلئك الرجال الرجال وصمودهم بوجة دعاية داعش التكفيرية وسيل المال الحرام المتدفق عبر الحدود فلم يساوموا على بيعه بثمن بخس دراهم معدودة كما فعل غيرهم من قادة العصابات التكفيرية بدول الجوار .
فكان ثمن الاردن الهاشمي الجنة التي وعد المتقون وندعو الله ان تكون دار قرار شيخنا الجليل ابو غازي فرسالتك تمت واننا على العهد باقون ايها الراحل لجنان النعيم لجهادك المضني على ثرى الاردن وفلسطين الغالية بملحمة اردنية هاشمية لن تنتهي فصولها الا باللقاء بكم بدار باقية غير دارنا هذه التي اوشكت شمسها على الزوال .
وتاليا السيرة الذاتية للفقيد الكبير حتى تكتمل الصورة الذهنية للقارئ الكريم :-
الشيخ عودة عويد المقيبل السرحان (أبو غازي)
ولد عام 1926 في منطقة مغير السرحان انتسب إلى القوات المسلحة الأردنية عام 1944 وأحيل إلى التقاعد عام 1972.
شارك الشيخ عوده في حرب عام 1948 في منطقة القدس ومعركة باب الواد واللطرون عام 1948 ومعركة وادي فوكين / الخليل عام 1954 كقائد فئة هاون وشارك في معركة السكه وقرية بيت عوا / الخليل عام 1955 كقائد فئة هاون كما شارك الشيخ أبو غازي في معركة حسان وقرية الخضر / الخليل عام 1956 / قائد السريه المسانده كما شارك في معركة الجامعه العبريه / القدس عام 1956 ومعارك حرب حزيران عام 1967 قائدا لكتيبة حمزة بن عبدالمطلب/45 وشارك في معركة المغطس / نهر الأردن عام 1967 كقائد كتيبه .
وشارك الشيخ عوده في معركة الكرامه عام 1967 قائدا لكتيبة حمزة بن عبدالمطلب ومعركة سويمه على نهر الأردن 1969.
وصدرت الإرادة الملكية السامية عام 1973 بتعيين الشيخ عوده عويد عضوا في مجلس الاتحاد الوطني الأردني وانتخب رئيسا لبلدة مغير السرحان لدورتين متتاليتين 1995-2003 ويقضي الشيخ عوده معظم أوقاته في إصلاح ذات البين.
وللشيخ عوده أبو غازي كتاب جمع فيه مذكراته تحدث فيه عن البطولات الخارقة التي سطرها الجيش العربي والأسباب التي أدت إلى هزيمة الجيش الإسرائيلي وتدمير عدد كبير من آلياته ودون فيه أيضا أسماء شهداء الجيش العربي وتحدث فيه أيضا عن الدور الكبير للملك الراحل جلالة الملك الحسين بن طلال رحمه الله تعالى في معركة الكرامه باعتباره القائد الأعلى للجيش العربي الباسل .
وكان الشيخ عودة :
-قائد كتيبة حمزة بن عبدالمطلب /45
-قائد كتيبة عبدا لله بن رواحه
-قائد لواء القادسيه
-قائد لواء حطين
-قائد لواء الهاشمي.
وقد حصل الشيخ عوده أبو غازي على العديد من الاوسمه :
-وسام الاستقلال من الدرجه الثالثه
- وسام الاستقلال من الدرجة الرابعه
- وسام الكوكب من الدرجه الثالثه
- وسام العمليات الحربيه
- وسام ألخدمه المخلصه
-وسام الإقدام العسكري
- وسام النصر البريطاني
- وسام القبر المقدس
-وسام معركة الكرامه
كانت لنشأة الشيخ عوده هذا الفارس العربي الأصيل في البيئة الطيبة أثرا كبيرا على مجرى حياته فيما بعد فهو لا يتوانى عن تقديم الخدمات الانسانيه والاجتماعية لإصلاح ذات البين وأعمال الخير المختلفة لأبناء عشيرته السرحان أو من يقصده من مختلف أبناء الوطن بعدما ترجل عن صهوة جواده بعد العطاءات المختلفة في ميادين الشرف والبطولة في القوات المسلحة الباسله.