كلمة امين عام حزب الجبهة الأردنية الموحدة بمناسبة المؤتمر العام الثاني للحزب
يسعدني ان ابدا حديثي بالترحيب بالضيوف الكرام في هذا المؤتمر الذي ياتي بعد ان اتممنا بحفظ الله و رعايته مساراً تمثل في الدعوه الى مبادىء الحزب وتطلعاته و اهدافة , تكللت فيه جهودنا بتوفيق من الله جلّ جلاله خاصة بعد ان تمكن الحزب من الانتشار في كافه جغرافيا المملكة شمالها, جنوبها, وشرقها, و غربها , ووسطها , وباديتها , ومخيماتها , ومدنها , وريفها و اغوارها , وفتح مقار في أغلب محافظات المملكة , و في هذا السياق لا يسعني الا ان احيي ابناء الحزب الذين نفتخر بهم على جهودهم الحثيثة و نشاطاتهم المباركة في انجاح التجربة الأولى , والتي تخللها ايضا إقامة الندوات و النشاطات العلمية والأدبية و المشاركة في المسيرات والإلتقاء مع نخب المجتمع وعامته.
لم يكتف هذا الحزب الذي تاسس في ظل ظروف اقليمية مضطربة و تهديدات خطيرة و ارتفاع في وتيرة العنف و عامل عدم الاستقرار في عملية نشر افكاره والحشد فقط بل بدأ أيضاً عهده بالتصدي للتحديات الداخلية التي لا تقل خطورة عن التحديات الخارجية و التي تمثلت بالدعوات التي أطلقها الليبراليون التي غلفت بشعارات إصلاحية و همية و هي في واقعها مقتطعة و خارجه عن أي مصلحة و طنية..
كما عزز الحزب مسيرته في مشاركاته المتواصلة في كافة النشاطات الديمقراطية والتي كان من اهمها مشاركتنا في انتخابات بعض النقابات و في الانتخابات التشريعية الأخيرة , و يمكنني القول و بكل ثقة أننا رغم الإخفاقات التي اعترضتنا و التي كانت متوقعه , الا اننا حققنا و ضعاً متقدماً جداً في موضوع الانتخابات بصورة عامة نظرا لقصر عمر الحزب و تمكنا من الوصول و المشاركة الفاعلة في النقابات و المجلس
الأمر الذي عزز مسيرة الحزب السياسية و دوره الفاعل في المجتمع المدني و تزامن مع ذلك اننا طرحا أفكارنا و مبادئنا و برامجنا و رؤانا بكل صراحة في كل الملفات الداخلية و الخارجية و في قضايا الوطن و من منطلق و طني و رؤيا و اقعية تحافظ على الثوابت دون نسيان مجموعة القيم و المثل العليا الذي يتحلى بها الشعب الاردني و طموحاته التي تتخطى الواقع بكثير...
السادة والسيدات
لقد شكل حزب الجبهة الأردنية حالة استثنائية في الحياة الحزبية الأردنية الحديثة , كما شكل حالة استثنائية ايضا في المشهد السياسي الأردني عندما وقف في المكان الذي يستطيع من خلاله ان يخدم الوطن بكل جدية واخلاص بعيدا عن الحسابات الشخصية و الحسابات الحزبية الضيقة عندما اختط ان لا يكون مواليا مطواعاً ولا معارضاً من أجل المعارضة , بل كان و سيبقى حزبا وطنياً يعظم الإنجازات بالإشارة اليها و استحسانها و معارضا لكل فساد او خطأ أو محسوبية أو مضيعة للوقت على حساب المواطن و المواطنين وهذا ما دفعنا ان نعبر عن آرائنا باشكال مختلفة من ضمنها البيانات والكتابة الى أصحاب الدولة رؤساء الوزارات ناصحيين و منبهين و محذرين , وفي هذا السياق فلقد حذرنا رؤساء الوزارات السابقين من أجندات الفريق العابر للحكومات الذي ما زال يستأثر بالمواقع الحساسة لصناعة القرارالاردني والذي ما زلنا نحذر من اجنداته الخطيرة التي تسعى لإضعاف الوطن والتي جاءت متزامنة مع المشاريع الدولية الرامية الى فكفكة دول المنطقة العربية و اعادة هيكلتها بشكل يخدم مصالح بعض الدول الكبرى واطماع اسرائيل في التمدد على حساب الجوار العربي وللاسف فلقد تمكن هذا الفريق الليبرالي المتجدد من تطبيق بعض من اجنداته تمثلت في تهميش الحكومة وتخلي الدولة عن دورها في الرعايه الإجتماعيه و الخدمية بالإضافة الى المحاولات الجارية لفك ارتباط الدولة مع تاريخها و خاصة مع المشروع النهضوي القومي و رسالة الثورة العربية الكبرى مصدر شرعية الكيان والنظام الاردني بالأضافة الى دعوات اخرى من اهمها تحويل هذا الكيان من كيان سياسي الى كيان اقتصادي والتعامل مع الدولة كما نتعامل مع شركة و كأن الدولة اسهم بورصة قابلة للبيع والشراء و ليست كيان وشعب وملك وسيادة وترابها مقدس , ناهيك عن السياسات الاقتصادية التي لم تراعٍ الحد الادني من الإعتبارات الإجتماعية والإنسانية , ومع ذلك فنحن نقول لهم انهم واهمون اذا ما اعتقدوا انهم قادرون على تنفيذ مخططهم الرامي الى تحويل الاردن الى منطقة حره يتم في اطارها تذويب هويات من ضمنها الأردنية والفلسطينية و هويات عرب آخرين ويكون فيها الشريك الاستراتيجي الاجنبي السيد المطلق و لهم نقول ان الاردن سيبقى كما اراده البناة الوطنين الاوائل بقيادة عبدالله الاول وكما يريده الأردنيون الغيورين بقيادة عبدالله الثاني اردني الانتماء عربي الهوى و حصنا حصينا من حصون الأمة .
لقد كان من اهم افرازات هذه السياسات تراجع في سقف الحريات وتراجع في هيبة الدولة وفقر وبطاله و عوز وتلاشي للطبقة الوسطى و حالة الاحتقان التي سادت الشارع الوطني... وفي ظل هذه الاجواء انتشر الفساد المبرمج له, الذي نعتبره الآفة الكبرى على الدول والمجتمعات والذي تأسس على بعض اوجهه المزمنة في الدولة مفاهيم و قيم أصبحت مع التراكم والتقادم قيم مفهومة و متفهمة بعد أن كان من يقدم عليها مذموماً مدحوراً من المجتمع كله , كما أن بعض الفاسدين و نتيجة لتحصنهم وراء الحصانات التي أعطيت لهم من قبل الحكومة لتكون درعاً لهم من أعداء الوطن , إذ بهم يستخدمونها دروعا ضد الوطن والمواطنين , وهكذا لم يعد أحد يقدر على انتقادهم بل صار من ينتقدهم متهم بأنه ضد الدولة أو احد أركانها , او يتهم بموجب قانون مكافحة الفساد باغتيال الشخصية ويصبح هو المتهم بدل أن يكون متهماً في محاولة لردع الصادقين المشفقين على الوطن و الزامهم بالصمت لتخلوا الساحة لعملاء الكمسيون السياسي.
السيدات والسادة
إن إلقاء أي نظرة على الواقع المعاش اليوم يبين مدى الفجوة التي خلقها ذلك التيار الذي ما يزال متمترساً وراء ايديولوجياته التي ترتكز على حلم الثراء الشخصي لاعضاء هذا التيار بكل الطرق والوسائل الممكنة مما خلق بؤر فساد اضيفت الى بؤر الفساد القديمة مما خلق قوى جديدة لم تكن موجودة في سالف الايام عصفت بالموازين الاردنية، وهكذا تمكن التيار من الاعمدة والموازين على حدٍ سواء والبيت لا يبتنى الا له عمد ولا عماد اذا لم ترس اوتاد، اقتلعوا اوتاد البيت ومالت الاعمدة وعصفوا بالموازين، ونحن اليوم بحاجة ماسة وضرورية الى التحرك بدون تأخير وبدون مجاملات لوضع الأمور في نصابها الصحيح ولاعادة التوازن الى البنى السياسية والاجتماعية والاقتصادية للدولة على أساس المشروع الوطني، وعلى أساس العقد الاجتماعي، وعلى أساس الميثاق الوطني، وعلى أساس مجموعة القيم والمفاهيم التي تم ارساء مبدأ الدولة على أساسها قبل ان تهب لا سمح رياح التغيير فتقتلعنا، فندفع الثمن وحدنا لأن تيارات الفساد المتنفذة لن تعلق ولن تتأثر فهي تتعامل مع الوطن كما تتعامل مع الشركة وبالتالي هي مستعدة للرحيل من هذه الشركة والعمل في شركة اخرى دون أن يرف لها جفن وخاصة بعد ان تمكنوا من بيع الكثير من موجودات الوطن والعبث بما فيها شركات استراتيجية من اهمها الفوسفات والبوتاس والاتصالات والاسمنت مع اصولها في الكثير من موازنات الوطن التي كان من أهمها التعامل مع اموال برنامج التحول الاقتصادي والاجتماعي دون أي رقيب وحسيب بذريعة ان هذه الاموال هي منح لا يجوز ادخالها في الموازنة ولا يجوز مراقبتها وكأن هذه المنح جاءت لحساب الذي اشرف على البرنامج وليس للوطن في إطار هذا المفهوم ثم العبث باغلب أموال البرنامج..
أمام هذه التحديات الداخلية وما تشهده الساحة العربية من رياح التغيير وما تخللها من تغييرات على مستوى القمة في بعض الدول العربية فإن مسؤولية الاصلاح هي مسؤولية وطنية لا تقتصر على القطاع العام ومن هنا فإن حزبنا ومن منطلق مسؤولياته الوطنية لديه رؤية واضحة ولديه قناعة راسخة بأنه مهما كانت توصيات اللجان المعتمدة إن كانت لجنة الحوار الوطني او اللجنة الدستورية حتى ولو صودق عليها ستبقى حبر على ورق ما لم تتوفر الارادة على ذلك وما لم نبدأ عملية الاصلاح في اجتثاث الفساد ومراكز القوى ومراكز الفساد واستبدال رموز الفساد برموز يتمثل فيها الخلق والنزاهه والكفاءة.
ونحن اذ ننتظر توصيات اللجان التي نأمل أن تكون في مستوى الطموحات لنود أن نشير في عجالة الى بعض افكارنا وبرامجنا العملية ونترك التفاصيل في الوثائق التي سنوزعها على جميع الاخوة، ففي شأن الاصلاح الدستوري نرى أن نُضمن هذا الاصلاح بتعديل المواد التي تتعارض مع متطلبات الديمقراطية الحقيقية وصولاً الى دستور عصري، والمقصود بالديمقراطية الحقيقية رفض اتخاذ أي اجراءات شكلية لا تحقق اهداف المجتمع في التطور الديمقراطي وتكون الضمانات التي يجب ان تتحقق من خلال الاصلاح في المجال الدستوري الفصل والتوازن بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية فصلاً صريحاً، وانشاء محكمة دستورية وضمان انعقاد البرلمان اطول فترة في السنة واجراء انتخابات دورية حرة ونزيهة باشراف هيئة مستقلة من القضاة المشهود لهم بالنزاهة على ان تتضمن التعديلات استقالة الحكومة التي يتم في عهدها حل مجلس النواب، والتأكيد على ضرورة استمرار العين في موقعه لفترة اربع سنوات دون ان يكون من حق الحكومة التنسيب باسقاط عضويته و ضرورة محاكمة الوزراء في المحاكم بدلا من محاكمتهم في مجلس النواب حتى تتحقق العدالة بين الجميع..
وبقدر أهمية التعديلات الدستورية تأتي أهمية تحديث قوانين الحريات العامة وخاصة قانون الانتخاب الذي نأمل أن يقوم على النظام المختلط الذي يجمع ما بين الدائرة والقائمة النسبية وعلى مبدأ تعدد الاصوات ومبدأ الدائرة الواسعة.
أما في الشأن الداخلي فإن المرحلة تتطلب ان تستعيد الحكومة ولايتها بالكامل في الشأنين الداخلي والخارجي وبالشكل الذي حدده الدستور والعمل الجاد على بناء جبهة داخلية متماسكة لحمتها الوحدة الوطنية المقدسة وتسودها العدالة والثقة والديمقراطية وسيادة القانون والعمل على ربط المؤسسات المفككة بالمؤسسات الأم.
أما في الشأن الاقتصادي فإن المطلوب الخروج من النفق المظلم للسياسات الظالمة التي اعتمدها الفريق الاقتصادي وتُبنى سياسات جديدة ترتكز على اقتصاد السوق المجتمعي بدلاً من اقتصاد السوق المنفلت والعمل على ضبط الاسعار وتبني الاستثمارات ذات الجدوى الاقتصادية ووقف التوسع في النفقات العامة والالتزام بالضريبة التصاعدية التي نص عليها الدستور والتخفيف من أعباء ضريبة المبيعات على السلع والخدمات الضرورية ورفض مبدا الإلتزام المطلق بالعولمة والانفتاح دون ان ناخذ باعتبار مصالحنا الوطنية وعدم التعامل مع الخصخصة وكأنها قدر محتوم وخيار واحد والعمل على تحصين مؤسسة الضمان الاجتماعي من طمع الفاسدين ووقف التصرف العشوائي في املاك الدولة وخاصة ما يتعلق بالاراضي والتأكيد على 1ن موارد البلاد هي حق لأبناء الوطن على الشيوع ولا يمكن التصرف بها خارج الهيئات الدستورية كما ان المطلوب الغاء قانون منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة حتى نحافظ على وحدة الوطن الجغرافية والسياسية ومنعاً لتشرذم القرار وحتى يكون منسجماً مع نصوص الدستور الواضحة بشأن المساواة بين الاردنيين والخروج بقانون جديد للتصدي للفساد يأتي تحت عنوان من اين لك هذا يحررنا من القيود التي فرضت علينا في القانون النافذ الحالي وخاصة البند المتعلق باغتيال الشخصية والذي نعتقد انه جاء لإرهاب الأمناء و الصادقين وحماية للفاسدين.
أما في مجال التربية والتعليم والثقافة فإن هذه المرحلة التي تتعرض فيه امتنا العربية الى غزو ثقافي غربي يستهدف لساننا العربي عماد هويتنا القومية فهذا يترتب عليه تنسيق عربي للتصدي له كما يترتب عليه داخلياً معالجة الاختلالات الكبيرة باعتماد آليات جديدة من أهمها اعتبار التربية والتعليم المسؤول الأول عن قضية المواطنة والهوية والانتماء والولاء ووضع رسالة واضحة للتربية والتعليم والتأكيد على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية في التعامل الشعبي والرسمي وفي السياق التعليمي فنحن نطالب بتحسين اوضاع المعلمين والاسراع في انشاء نقابة المعلمين روفض مبدا خصخصة الجامعات الرسمية.
وكما ان للجبهة رؤاها في الشأن الداخلي فإن للجبهة رؤاها ازاء الشأن الخارجي، فهي تعي اهمية إقامة علاقات ودية وحميمة بين المملكة وكافة دول العالم، كما انها ترى في المشروع النهضوي القومي ومبادئ الثورة العربية الكبرى اسس تحكم علاقاتنا مع كافة الدول العربية ومصدراً لشرعيتنا تؤهلنا للقيام بدور طليعي في الوطن العربي علينا ان نتمسك به وان نحافظ عليه وحتى نحقق ذلك الدور فان المطلوب اقامة علاقات متوازنة مع كافة الدول العربية وكافة الفئات والتنظيمات الفاعلة وخاصة التنظيمات الفلسطينية بما فيها منظمة حماس وذلك حتى نحافظ على دورنا في الاراضي الفلسطينية بما يخدم القضية.
و انطلاقا من قناعتنا بأهمية الدور العربي واهمية عودة النظام الرسمي العربي لتعبئة الفراغات التي احدثها غيابه عن الساحة العربية الأمر الذي دفع دول اقليمية محورية لمحاولة ملء الفراغ فاننا نحيي جهود جلالة الملك التي هيأت الأجواء مع دول مجلس التعاون الخليجي للترحيب بإمكانية مشاركة الأردن بشكل أو آخر في المجلس مع تأكيدنا بأننا نعتبر أي شكل من أشكال المشاركة هو خطوة على طريق احياء العمل العربي المشترك ورفضا من الاردن للمشاركه باية مشاريع مشبوهه لانتزاعه من جسمة العربي و خاصة مشروع البينولوكس السيء الذكر ...
و كما ان للجبهة رؤاها بالسياسة الخارجية فان للجبهة ايضاً رؤاها و مواقفها أزاء قضايا المنطقة فهي و انطلاقا من رؤيتها لتاريخ الأردن النضالي مع قضية فلسطين فانها ترى بان الممارسات الاستفزازية العدوانية الاسرائيلية في الارض الفلسطينية خرقاً للنظام الدولي و تهديدا للسلام العالمي و منعا للامن والاستقرار للمنطقة.
ومن هنا فان الجبهة ترى بان السلام والاستقرار لن يتحققا الا بانسحاب اسرائيل من كافة الاراضي المحتلة و اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة و عاصمتها القدس و تفكيك المستوطنات و اسقاط الجدار العازل وحق اللاجئين بالعودة و رفض الاعتراف بيهودية الدولة الاسرائيلية التي ترمي الى اسقاط الجنسية عن عرب ال1948.
كما تعتبر الجبهة ان الحفريات تحت الاقصى و الدعوات والمبادرات الاسرائيلية بما فيها دعوة آراد لاقامة دولة فلسطينية بالاردن والمبادرات الاخرى الداعية الى الكونفدرالية بين دولة الاردن وفلسطين الشعب بدون أرضه على أن يدخل في المعادلة عرب 1948 ما هي الا مخالفات و اضحة لاتفاقية وادي عربة مساسا بها والمساس بالجزء هو مس بالكل ومن هنا فنحن نطالب باعادة النظر بالمعاهده بمجملها..
و في الختام ادعوا الله ان يحفظ هذا الوطن ويصون استقراره ويعلي رايتة و يرزق اهلة من الثمرا ت ويعز مليكة ويبارك جهودة بما فيه خير هذا الوطن وهذه الامة .