العودة بثلاثة قوانين للتصويب



حسب ما نُقل عن أمين عمان، فسوف يتم فصل أمانة عمان الكبرى عن قانون البلديات، وإجراء انتخاباتها بموجب قانون خاص بها. هذه خطوة صحيحة، كان يجب إنجازها في حينه مع قانون البلديات. وقد اقترحنا ذلك وقتها. ومن يقرأ قانون البلديات يلاحظ الاعوجاج في بنية القانون، كما لو أنه حشر عنوة شخصين في ثوب واحد. فكل نص حول البلدية، وخصوصا هيكلها التنظيمي وانتخاباتها، يأتي بعده نص يستثني أمانة عمان ويضع لها ترتيبا خاصا. وما دام الأمر كذلك، فلم لا تُفصل مواد أمانة عمان بقانون مستقل بدل أن تبقى استثناءات على قانون البلديات؟ ففي قانون مستقل سيتاح، أيضا، التوسع في إعطاء عمان خصوصيتها في كل ما يتعلق بتنظيم الأمانة وأحكام عملها.
من جهة أخرى، لم يعط قانون اللامركزية أي خصوصية لمحافظة العاصمة وأمانتها الكبرى. ففي عمان، يتكثف اقتصاد الأردن وديمغرافيته، وهي مركز الحكومة والوزارات والمؤسسات، وكان يجب أن تُفرد لها صيغة خاصة لتطبيق اللامركزية. وقد مرّ القانون وأنا في شك عميق أعلنته حول سلامة تجاهل خصوصية عمان.
الأمر الآخر السيئ هو طريقة انتخابات المجالس المحلية في قانون البلديات. فالقانون لا يميز بين الترشح لرئاسة المجلس المحلي وعضويته (المجلس مكون من 5 أعضاء)، ومن يحصل على أعلى الأصوات يكون رئيسا. وهكذا، فلا تحالفات أو توافقات، وكل مرشح هو رئيس أو عضو محتمل حسب أصواته، والناخب غالبا سيستخدم صوتا واحدا (مع أن للناخب خمسة أصوات)، باستثناء ناخبي حزب جبهة العمل الإسلامي؛ إذ لا فرق أن يكون رئيسا أي من مرشحيه.
وآخر السيئات تقسيم الدوائر في انتخابات اللامركزية. وكنت قد شددت على فكرة تقسيم المحافظة إلى دوائر بعدد المقاعد، لأن التمثيل هنا خدمي بحت، ويجب أن يكون هناك نائب لكل تجمع سكاني يمثل مطالب واحتياجات ومصالح منطقته. لكن القانون ترك الأمر للنظام، فخذ ماذا فعلت الحكومة: لواء بني عبيد (إربد)، على سبيل المثال، تقسم لدائرتين؛ إحداهما تضم الحصن والصريح وإيدون، ولها 3 مقاعد، وللناخب صوتان. طبعا، ستحدث تحالفات مخادعة أو غير مخادعة، وقد ينجح النواب كلهم من بلدة واحدة أو بلدتين، وسوف تضيع مسؤولية التمثيل والمتابعة بينهم، وسيكون هناك تزاحم ومنافسة ومناكفة، ولن يكون واضحا كل واحد مسؤول عن من وماذا. إنها أسخف صيغة للتمثيل تحمل سلفا عنوان فشلها، وتبدو مصنوعة فقط للتلهي وإشغال الناس بالحرب على التصدر والوجاهة.
الصحيح والطبيعي هنا أن يكون لمنطقة الصريح (وهي منطقة بلدية وفق التقسيمات الإدارية) نائب، ولمنطقة الحصن نائب، ولمنطقة إيدون نائب. وفي كل مكان آخر يمكن أن يكون لكل منطقة بلدية نائب. وإذا كانت صغيرة، يتم جمع منطقتين أو أكثر بنائب واحد، وبالعكس؛ إذا كانت منطقة كبيرة جدا تقسم إلى دائرتين. وهذا الجمع أو التقسيم يمكن القيام به أيضا في القصبات. وعلى سبيل المثال، فدائرة بني عبيد الثانية تشمل بلدة كتم وبلدة النعيمة ومخيم الشهيد عزمي المفتي ولها نائبان. حسناً، كتم والنعيمة منطقتان بلديتان متجاورتان، ليكن لهما معا نائب، وللمخيم نائب، بدل المنافسة التي ستقصي ربما هذه المنطقة أو تلك، وعلى كل حال تضيع وتتضارب المسؤوليات.
سنعود لكل واحدة من هذه المواضيع بالتفصيل. لكن الخلاصة أو الاستخلاصة، ونحن بصدد تقديم قانون مستقل لأمانة عمان، أن نفعل ذلك أيضا للبلديات واللامركزية، لاستدراك وتصويب الاختلالات آنفة الذكر.