عشـرون نائبة، وقتل دون موقف
صحيح ان ادانة القتل وجريمة ازهاق الروح لا تحتاج الى تمييز او تذكير وتأنيث، لكن صمت النائبات العشرين ملفت ومقلق حيال جرائم القتل الاخيرة تحت لافتة الشرف، وكأن كل خطوات المجتمع نحو تمكين المرأة ذهبت ادراج الرياح وهذا ينسحب على فكرة الكوتا وضرورة وجودها طالما انه لم تحقق الهدف المنشود ولو حتى من باب الادانة، لدينا 15 نائبة فزن على نظام الكوتا او التمييز الايجابي من اجل تمكين المرأة، اي ان مبرر وجودهن هو تحسين الواقع التشريعي والاقتصادي والسياسي للمرأة ولكن صمتهن مريب وخطير فهل جئن عبر بوابة الكوتا لتحسين وضعهن الذاتي ام لتحسين فرص احزاب وتيارات مجتمع مدني ام لتحسين واقع المرأة وظروفها ؟
السؤال مشروع رغم جندريته، فالقتل مدان والقتل هو القتل مهما كان جنس الضحية، لكن صمت النائبات يشي بأن العقل الذكوري كان وراء الوصول وبالتالي بتن ممثلات للعقل الذكوري، لا لعقل المجتمع المدني والقوى التنويرية التي وقفت ودعمت وجود فكرة الكوتا في القانون لتحسين تمثيل المرأة وتحسين البيئة الحاضنة لقضاياها وامالها، فهل فزن بديمقراطية لاغتيال الديمقراطية، بمعنى هل نجح العقل الذكوري في استئصال حقوق المرأة حتى من ممثلات المرأة تحت القبة، فكان الصوت الذكوري هو الحاسم في الفوز وبالتالي لا يستطعن اغضابه ام ان الفوز كان باصوات المرأة للانقضاض على المراة ؟
قلنا وسنبقى نقول، ان الواقع التشريعي معادٍ للمرأة، وان التمييز الحاصل ضدها يحتاج الى وقفة مجتمعية ولكنه بحاجة الى وقوف صاحبات المصلحة اولا، لانتاج بيئة صديقة لمطالب المراة وحقوقها، وبيئة واعية لضرورة ان تتقدم المراة وتخرج من شرنقة الاستلاب العقلي والقراراتي لصالح عقلية القبيلة الذكورية رغم تأنيثها لغةً، وان الثقافة المجتمعية تدعم التطرف بكل اشكاله وتحديدا التطرف في قضايا المرأة والاصرار على ابقائها في دائرة الملكية الذكورية ومفهوم القوامة المختل، صبايا بعمر الورد جرى ازهاق ارواحهن دون ادنى ادانة مجتمعية ودون ضجيج على مواقع التواصل الاجتماعي التي تضجّ لاقل سبب ولأتفه الاسباب، مما يؤكد نظرية الكتائب الالكترونية المحمولة التي تتفاعل او يتم تفعيلها تبعا لموقف سياسي حزبي او جماعاتي، ثم تصمت هذه الكتائب بإنتظار توجيهات سدنة المعبد الذين لا يقلقهم ازهاق ارواح الفتيات البريئات .
الصمت على جرائم القتل يستدعي مراجعة كل التشريعات الداعية الى تمكين المرأة طالما ان طبقة الكريما النسوية صامتة وراضية عن القتل المجاني والتمييز الجندري ضد المراة وقضاياها، ولا اجد مبررا ازاء هذا الصمت سوى القبول بمنطق المجتمع الذي حصر دور المراة في البيت وبعض المهن الرتيبة كالتعليم ودور الحضانة من المرأة وممثلاتها في المواقع القيادية، واعتذر من الناشطات الملتزمات بقضايا المراة والمجتمع على هذا الاقتراح، طالما انهن عجزن عن انتاج ممثلات حقيقيات لقضايا المرأة اسوة بباقي مكونات المجتمع، فالمقاول والتاجر والداعية والوجيه كلهم نجحوا في ايصال ممثليهم وبقيت المرأة وحدها تبحث عن تمثيلب رغم جلوس عشرون سيدة تحت القبة النيابية ونصف هذا العدد في الاعيان .
تمثيل المراة في مؤسسات القرار ارتفع ولكن تأثيرهن انخفض في المجتمع وهذا يشير الى اختلال وتناقض، لان النشاطات كلها محصورة في الفنادق وكلها محصورة في المرأة التي لا تعاني من اي وجع سوى وجع الاسنان في عمان الغربية او لم تعرف الا مرارة العلاقات الانسانية، اما مرارة الفقر والبطالة وانعدام القدرة على القرار فهذه مشاكل نتحدث عنها ولكن بالمراسلة وليس في الاوساط التي تعاني من هذه المعضلات .
omarkallab@yahoo.com