حكومة اقتصادية -ما أولوياتها



الحكومة الجديدة التي أعاد تشكيلها الدكتور هاني الملقي حكومة اقتصادية بامتياز. فرئيسها اقتصادي ، وفريقها الاقتصادي تضخم وأصبح له رئيس متفرغ وعدد من الوزراء المناط بهم موضوع الاقتصاد والاستثمار.

هل يعني ذلك أن لدينا مشكلة اقتصادية ومالية تسـتدعي كل هذا التركيز ، الجواب نعم ، فهناك تحديات اقتصادية أساسية تحتاج للحركة وتستحق الأولوية.

المراقبون الأجانب ، ابتداءً من خبراء صندوق النقد الدولي ، يشيرون إلى نقطة قوة واحدة في الاقتصاد الأردني هي استقراره وقدرته على الصمود في وجه الظروف الخارجية الصعبة والهزات ، ومن هنا فإن محاولة تحفيز الاقتصاد وتحريكه اليوم يمكن أن تنطلق من مناخ الصمود الذي يوفر الفرصة للصعود.

لم يستقر الفريق الاقتصادي ، ولم ينطلق بعد ، بل إن بعض أعضائه لم يجدوا مكاتب يمارسون فيها أعمالهم فذهبوا إلى دار الضيافة مؤقتاً.

في الجانب الهيكلي سيجد الفريق الاقتصادي ـ الحاجة ماسة للتركيز على مراكز معينـة ، لعل في مقدمتها وزارة المالية المسؤولة من الموازنة العامة والمديونية ، والبنك المركزي المسؤول عن الاستقرار النقدي أولاً. أما قضايا الطاقة والمياه التي كانت في السابق تستأثر بالانتباه فيبدو أنها تسير بالاتجاه الصحيح وبالسرعة الممكنة.

وزارة المالية مكلفة بتطبيق برنامج التصحيح الاقتصادي الذي تناول الموازنة العامة والمديونية بالدرجة الأولى ، ويبدو أنها تقوم بالواجب ضمن المحددات المعروفة التي تقيد حركتها.

والبنك المركزي ينوء بالمهام الجديـدة التي أضافها لنفسه أو أضيفت له ، وهي أعباء أخذت تعطي نتائجها في بعض المؤشرات والموازين التي تستحق الانتباه.

من المفهوم أن يراعي البنك المركزي في رسم سياسته موضوع النمو الاقتصادي ، ومعدل البطالة ، والاقتراب من الاستقرار المالي ، ليس لجهة الموازنة العامة فقط ، بل أيضاً لحسن أداء المؤسسات المالية كالبورصة والأوراق المالية وشركات التأمين وتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

لكن البنك المركزي ، الذي طلب منه مقاربة كل هذه القضايا ، يجب أن يظل الاستقرار النقدي هدفه الاول ، وأن لا يسمح بالمخاطرة بهذا الاستقرار من أجل أهداف أخرى لم تكن جزءاً من مهمات البنك المركزي الأساسية مثل توفير التمويل بمئات الملايين من الدنانير لهذه الجهة أو تلك ، وما يتطلبه ذلك من تشغيل المطبعة ، والتساهل في مؤشرات عرض النقد والنقد المتداول ، وتراجع احتياطي العملات الأجنبية.