احياناً... (سوق الجن والعفاريت)

 


< من الواضح أن لدينا اقتصاداً خفياً غير السوق السوداء، فهناك - في ما يبدو - اقتصاد للجن والعفاريت حاضر، الكل يحس ويشعر به ولكن لا يراه أحد، وخصوصاً الجهات الرقابية والتنظيمية. وفي جدة جرى تداول أنباء عن رجل أعمال ضم شوارع ومواقف إلى سوق له منذ 35 عاماً، ولم تتكشف الأمور إلا عندما رفع الإيجارات بنسبة «400 في المئة»، فقام بعض المستأجرين «المستثمرين» بالإبلاغ عن تعدياته أو «الوشاية به» بحسب تعبير الصحيفة.

 

 

والقصة هي القصة المتكررة مع حدائق وشوارع أخرى برزت في جدة أكثر من غيرها، لكن هذا لا يعني أنها محصورة في العروس السابقة للبحر الأحمر!

 

 

إن السؤال البسيط يقول: أين كانت أمانة جدة طوال الأعوام الخمسة والثلاثين؟ وأين كانت وزارة الشؤون البلدية المشرفة والموجهة للأمانات؟

 

 

كيف تم التفريط بأملاك عامة من شوارع ومواقف؟! المضحك أن محامي المدعى عليه قال إن المحال مرخصة من أمانة جدة، في حديث إلى صحفية الوطن. يدفع المواطن الثمن مرتين، الأولى أنه حرم من شوارع ومواقف كانت مخططة «للمصلحة العامة»، والثاني أنه سيحمل مشروع رسوم قريباً، بسبب سوء إدارة ورقابة وزارة البلديات وأماناتها. ولأن الحالة «جنية» بامتياز، حدد مصدر في الأمانة - لم يكشف عن اسمه - قيمة التعديات بمبلغ 547 مليون ريال.

 

 

وزارة البلديات في مشروعها للرسوم تبحث عن المتر، وربما عن أجزائه، لكنها تفرط في شوارع ومواقف، فإذا قيل إنها لم تعلم فهي كارثة، وإذا كانت تعلم وصمتت فمَن «الجني» المستفيد؟ وفي حين تتجه الأنظار إلى رجل الأعمال المتعدي أو «المدلع»، طوال أكثر من ثلاثة عقود، يسأل بعض القراء: من هو؟ في حين يتجه نظري إلى الجهاز الحكومي، ممثلا بأمانة جدة ووزارة البلديات التي سمحت وفرطت بمسؤولياتها وأمانتها فهي المتسبب.

 

 

ولا أعتقد أنه سيتم «تدفيع» رجل الأعمال هذا المبلغ؛ ففي افضل الأحوال ستنشأ قضية تختفي بعد فترة قصيرة من واجهة الإعلام.

 

 

كما لا أعتقد أنه سيتم التحقيق مع موظفي أمانة جدة والإدارة المشرفة عليهم في وزارة البلديات، والخلاصة أن المواطن يدفع الثمن مرتين، والذين استغربوا قضية «الجني والقاضي» ربما اكتشفوا أن الجن منتشرون بما يفوق الخيال، حتى يبدو للإنسي أن وراء كل ريال مشتبه به جناً، أما الملايين فخلفها عفاريت.