معالي وزير التربية أسألك أن تجيب ماذا قدمتم للمعلم ؟

- تامر البواليز 
إستغربت حديث بعض الزملاء قبل فترة عن تفاؤلهم الشديد بوزير التربية والتعليم الحالي حسب قولهم ،-

والحجة كانت لديهم تقول أن معاليه هو من قدم للمعلمين نقابتهم على وعاء ذهبي مزخرف بالأحجار الكريمة ، فكان الصمت رفيقي حتى أنهى المتحدث كلامه وأبديت له وجهة نظر أخرى مغايرة إستطعت من خلالها قلب رؤيتهم رأساً على عقب وتبدلت الصورة لديهم .

لا أدري حتى هذه اللحظة عن الدور الحقيقي الذي يقوم به وزير التربية في موقعه وبالذات بما ينعكس إيجاباً على المعلم في غرفته الصفية ، وعلى الطالب أيضا المرتكز الأساسي للعملية التعليمية ، فعلى ما يبدو أن  كرسي وزيرنا الفذ وعلى مر العقود الماضية هو من يتحدث ، ويا ليته كان ليتحدث بلغة مؤسسية بل بمزاجية وأهواء تروح يمنة ويسرى حسب قوى الضغط التي تسيطر عليه ، فلا اعتقد أن المعلم يكترث إن جاء فلان أو فلان لمنصب الوزير ؟ لا أحد بالطبع إن كان طفل صغير قادر على أن يحقق الطموح والإنجاز الحقيقي ، لا أن يتراكض الوزير للمؤتمرات الفراغية الهافتة التي لا تسمن ولا تغني ، بل لمجرد روتين شكلي أمام المؤسسات التعليمية الزائرة ، التي لن يجرؤ الوزير على تأبط أحد الزائرين والذهاب به بصورة مفاجئة الى مدرسة شبه محطمة في الزرقاء النائية أو البادية المكلومة ، وإن كان ذلك فالإستعدادات تكون على قدم وساق من الأشخاص الأخيار لترطيب أجواء الزيارة ، حسب رؤى معاليه وتطلعات الحفاظ على منصبهم .
مزعج جدا أن يكون البعض قد دار في خلده ان معالينا الحالي كان صاحب الرأي السديد في دعم إنشاء نقابة المعلمين ، فهذا الأمر يدفع للضحك ، لأن وزير التربية في بلدنا لا يجرؤ على قول الحقيقة إلا عندما يغادر منصبه ، وقد شهدنا ذلك من خلال الأمين العام السابق الذي كان يتمتع بمواقف تغاير ما يتحدث به الأن بعد أن طار الكرسي من تحت قدميه ، فالوزير مجرد منفذ وقارئ للأجندة شبه البليدة التي تسير بها وزارتنا العتيدة وما زالت تصر على السير بها على الرغم من كل التغيرات الجذرية التي طرأت على رؤية المعلمين بأسرهم للواقع المرير الذي حان الوقت لإجتثاثه على الفور ، معالي الوزير الحالي كان أمينا عاما في السابق وكان كغيره من وزرائنا الأعزاء يتحدث عن النقابة كغيره من الوزراء السابقين وفق ما تمليه عليه الأجهزة الأمنية صاحبة الصولجان في قرارات حساسة كهذه ، ولا أعتقد أنه أو غيره كان ليجرؤ على التحدث بصراحة عن حق المعلم بالنقابة لولا ما أملي عليهم من أوامر .
إن القلب ليحزن على حال وزارتنا التي تعيش على وقع ذات الطبول التي لا تسمع أصواتها خارج العبدلي ، وهم يطربون بها الزائر والوافد للوزارة من إنجازاتهم المهولة في ميدان التعليم والتعلمية والتطور التكنولوجي وحوسبة التعليم ومبادارت ترتقي حسب قولهم بالطالب والمعلم وغيرها الكثير من إنجازاتهم التي نرى جعجعة منها ولا نرى طحينها إلا إن هلت بركة زيارة المسؤول المتقدم في منصبه الى مدرسة معينة ، لتزول تلك البركة بمجرد غياب طيفه عن ذاك المكان .
الأمر خطير جدا أن تبقى وزارة التربية والتعليم في بلدنا تسير على نفس النهج الحالي ، الورقي والشكلي فقط ، لأن نتائجه المريرة إنعكست على الميدان بأسره ومخرجاته أضحت الأن واضحة المعالم في جامعاتنا التي تعاني الأمرين أيضاً فمن عنف طلابي وسطحية في التعليم وغيرها أيضاً ، والوزير يصر على المضي قدما بذات الطريقة .........!!! أين المناهج معاليك تلك التي تتحدث عنها بأنها راقية و تثمر جيلاً واعياً متقدماً ؟ فهي ليست الا أوراق محشوة تثقل كاهل الطالب والمعلم ، أعلمت معاليك أن كتاب الرياضيات في اليابان لا يتجاوز الثلاثين صفحة !! أتعلم معاليك أن مناهجنا لا تزرع في نفوس طلبتنا عقيدة الحماية للوطن والأمة العربية بالصورة الحقيقية وقد تناست أيضاً التاريخ الحقيقي للأمة العربية وإكتفت بالإيجابيات فقط دون ذكر ما يمكن أن تأخذ منه العبر والمواعظ ، أخبرني معاليك عن حق العودة في المناهج ، أخبرني معاليك عن معاهدة السلام المشؤومة في وادينا الحزين ، اخبرني معاليك عن اللاجئين في مناهجنا وأنت تعلم جيداً تركيبة أبناء وطننا الواحد .
نتمنى أن يصبح وزير التربية والتعليم في بلدنا ناطقاً رسمياً حقيقياً بنبض المعلمين لا بنبض رئيس الحكومة وأهواءه ، لأن الموقع يتطلب ذلك وهذا مستقبل الأجيال لا مستقبلكم أنتم وحدكم ، ويكفي ما أنتجتم من جيل لا تعمم الصورة عليه ، ولكن الصورة مؤلمة وهذا بالطبع جزء من سياسة التجهيل التي يسعى اليها أولئك الأعدقاء ! !