الراقصة والمثقف !!
هناك العديد من الافلام السينمائية التي ربطت بين الراقصة ونماذج اجتماعية وسياسية منها الراقصة والسياسي والراقصة والطبال، ولكي لا يستخف البعض بهذه المهنة، نتذكر ما كتبه مفكرون واكاديميون عن الرّقص بدءا مما كتب عن راقص الباليه الروسي فزلاف نجنسكي، فقد كتب ادوارد سعيد مقالة شهيرة عن الراقصة تحية كاريوكا، وكذلك كتب ماركيز عن شاكيرا وكلاهما من كولومبيا، لكن ما دفعني الى هذه الكتابة ليس الرقص بحد ذاته، بل ما قرأته مؤخرا في حوار اجري مع الكاتب مصطفى امين مؤسس صحيفة اخبار اليوم المصرية، قال انه عندما سُجن تخلى عنه الكثيرون، ومنهم من حاول الابتعاد قدر الامكان عنه كما ان الكثيرين بدأوا يتجنبون ذكر اسمه لكن الراقصة نجوى فؤاد اشادت به وبدوره ولم تخش العقاب، لهذا وصفها قائلا انها اكثر رجولة ممن يدعون الرجولة، وبهذه المناسبة نتذكر ايضا الدور السياسي الذي مارسته تحية كاريوكا على المسرح، فقد كانت اكثر جرأة من رجال زمنها في تقديم مشاهد ناقدة وبشكل لاذع للواقع، خصوصا في مسرحية روبابكيا الشهيرة .
ان المهن لا تحدد مواقف الاشخاص سواء كانوا ذكورا او اناثا، وقد لا يعرف بعض الناس ان هناك راقصات عربيات يحملن درجات اكاديمية رفيعة في الفلسفة، لكن الثقافة السائدة والتقاليد المتوارثة على عواهنها تلجأ الى الاختزال، بحيث يكون الحكم بالجملة سواء على جنسيات او مهن او اي شيء آخر !
شهادة مصطفى امين وهو من رواد الصحافة العربية لصالح راقصة لها دلالة مزدوجة، فهي اولا تعني نزاهة الحكم عندما تطلب الامر ذلك، بحيث لم يخجل مصطفى امين من انصاف تلك السيدة بمعزل عن مهنتها، وثانيا تعني ان المهنة لا تحدد منسوب الوعي والاخلاق لدى انسان معا، فالاطباء ليسوا سواسية وكذلك المهندسون والمحامون والاكاديميون، والمثير للانتباه في مجمل هذا السياق هو موضوعية المثقف وعدم تعاليه عما يعتقد بصحته !!