تعديل المناهج.. بعقل بارد
من أكثر ما يحزّ بالقلب، مشهد طلبة يمزقون كتباً مدرسية ويحرقونها. إذ كيف لطالب يحرق الكتاب أن يصونه ويقدره؟! وكيف لجيل يمزّق الكتب أمام ناظر الأستاذ، ولربما بتحريض منه، أن يحترم العلم؟!
إلى هذا الحد بلغت المعركة على تعديل المناهج والكتب المدرسية، لكأن العقل والمنطق قد غابا تماماً، فصارت كل الأسلحة، بما فيها المحرّمة، مباحا استخدامها! لذلك، سأحاول الكتابة عن التغييرات والتعديلات التي طالت الكتب المدرسية، وكل الجدل حولها، بعقل بارد؛ نتيجة حساسية الموضوع وتشعبه، والمنحنى الذي اتخذه؛ بعيداً عما هو مطلوب لإنقاذ عملية التعليم المتهاوية.
اليوم، نسينا كل الخراب الذي تعاني منه العملية التعليمية، وبالتالي مخرجاتها الكارثية، حتى أصبح عادياً، ولعله مقبولاً، الحديث عن طلبة أُميين! كما صار مطلوباً إنكار كل المشاكل، لأنه يخدم الأطراف المتصارعة على القصة.
ففي خضم المعركة التي اتخذت مساراً منحرفاً عن الواقع، وجه المنتقدون عملية التغيير والتعديل لجعلها تبدو وكأنها هجمة على الدين الإسلامي. وذلك أبعد ما يكون عن الحقيقة، تماماً كما ادعاء تجميل صورة المحتل الإسرائيلي في كتب أولادنا.
في المقابل، فإن بعض ما قيل من ملاحظات وانتقادات محقّ أيضا. فلماذا تُحذف جزئية أن ابن بطوطة كان حافظاً للقرآن؟ كيف قرر من حذفها أن مثلها تُخرّج أجيالا متطرفة؛ وأن لا منافع من حفظ الأولاد للقرآن الكريم؟ كما أن جزءاً من التعديلات، بصورتها العامة وبعض تفاصيلها، لا يخدم الهدف المنشود، أي الارتقاء بمضمون الكتب، وبالتالي الارتقاء بمستوى التفكير والتحليل عند الطلبة؛ من مثل استبدال اسم فاطمة بآخر. فما الحاجة إلى هكذا تغيير، اللهم إلا أن يكون الهدف هو إجهاض فكرة التطوير من أساسها عبر استفزاز المجتمع؟!
هكذا، يصور الفريق المعادي للتعديلات ما حدث وكأنّ الكتب المدرسية باتت خالية من النصوص الدينية؛ آيات قرآنية وأحاديث نبوية، وذلك غير صحيح تماماً، وبما ينفي بالمطلق زعم محاولة سلخ الجيل عن دينه.
أيضاً، ولعله الأخطر، فإن بعض ما يُنشر ليس إلا كذباً صريحاً لا وجود له في الكتب؛ من مثل فتاة صغيرة تخلع ملابسها في أحد الدروس، أو تعليم الطلبة أن القدس عاصمة إسرائيل. يضاف إلى ذلك التأكيد بأن الدرس المتعلق بالبطل الأردني فراس العجلوني قد حُذف في التعديلات الأخيرة، فيما الحقيقة أن ذلك تم قبل عامين. وكما أن هذا الحذف يظل خطأ بكل الأحوال، كذلك هو الكذب وتشويه الحقيقة، لاسيما أن الغاية منهما هو إشعال نار المعركة أكثر، بما يخدم أجندة الرافضين لأي تعديلات.
الغريب أننا لم نختلف أبدا على التشوهات في كتب أبنائنا، وكنا متفقين على أن أدوات التعليم المتاحة لأجيال الأردن المستقبلية لا تقيها شرّ الزمان؛ فلماذا نختلف الآن على ضرورة تعديل المناهج؟!
من جديد، تعديل المناهج حاجة وطنية ملحّة. وعلى الأهالي أن يكونوا من أنصار التعديل والتطوير، لا الوقوف في وجهه. وعلى الفريق المضاد للفكرة التحلي بالموضوعية، تماماً كما على الجهة المدافعة عن المبدأ وضع تصورها لتطوير الكتب المدرسية. فحتى اليوم، ما تزال وزارة التربية والتعليم، ومن عملوا على تعديل الكتب، صامتين. وما يقدمونه من معلومات لا يكفي لدحض أو تأييد ما يتم تداوله في مواقع إعلامية. وإجلاء الواقع، وبالتالي إعطاء المجتمع القدرة على تحديد موقفه بناء على الحقائق وليس الإشاعات، يستلزمان خطة إعلامية تشرح بصدق كل ما جرى، وتفسره.
المشكلة أن التيار الذي يشوّه القصة في عقل المجتمع يعمد إلى الاجتزاء واللعب على وتر الدين الحساس لكسب المعركة. وقد تفاقمت القصة حد استخدام الطلبة وقودا في معركة يفترض أنها فكرية. ومن المؤسف، بل والموجع، أن تشيطن الفكرة، وتُختطف فرصة إنقاذ أجيالنا المقبلة، بسبب خلافات ومناكفات سياسية.
على الجميع أن يُحكّموا ضمائرهم، وأن نعاود مراجعة المعادلة، بحيث يكون الجميع شركاء في إصلاح وتطوير الكتب المدرسية بعيدا عن التخندق، لأننا في خندق واحد؛ رضينا بذلك أم لا.
من أكثر ما يحزّ بالقلب، مشهد طلبة يمزقون كتباً مدرسية ويحرقونها. إذ كيف لطالب يحرق الكتاب أن يصونه ويقدره؟! وكيف لجيل يمزّق الكتب أمام ناظر الأستاذ، ولربما بتحريض منه، أن يحترم العلم؟!
إلى هذا الحد بلغت المعركة على تعديل المناهج والكتب المدرسية، لكأن العقل والمنطق قد غابا تماماً، فصارت كل الأسلحة، بما فيها المحرّمة، مباحا استخدامها! لذلك، سأحاول الكتابة عن التغييرات والتعديلات التي طالت الكتب المدرسية، وكل الجدل حولها، بعقل بارد؛ نتيجة حساسية الموضوع وتشعبه، والمنحنى الذي اتخذه؛ بعيداً عما هو مطلوب لإنقاذ عملية التعليم المتهاوية.
اليوم، نسينا كل الخراب الذي تعاني منه العملية التعليمية، وبالتالي مخرجاتها الكارثية، حتى أصبح عادياً، ولعله مقبولاً، الحديث عن طلبة أُميين! كما صار مطلوباً إنكار كل المشاكل، لأنه يخدم الأطراف المتصارعة على القصة.
ففي خضم المعركة التي اتخذت مساراً منحرفاً عن الواقع، وجه المنتقدون عملية التغيير والتعديل لجعلها تبدو وكأنها هجمة على الدين الإسلامي. وذلك أبعد ما يكون عن الحقيقة، تماماً كما ادعاء تجميل صورة المحتل الإسرائيلي في كتب أولادنا.
في المقابل، فإن بعض ما قيل من ملاحظات وانتقادات محقّ أيضا. فلماذا تُحذف جزئية أن ابن بطوطة كان حافظاً للقرآن؟ كيف قرر من حذفها أن مثلها تُخرّج أجيالا متطرفة؛ وأن لا منافع من حفظ الأولاد للقرآن الكريم؟ كما أن جزءاً من التعديلات، بصورتها العامة وبعض تفاصيلها، لا يخدم الهدف المنشود، أي الارتقاء بمضمون الكتب، وبالتالي الارتقاء بمستوى التفكير والتحليل عند الطلبة؛ من مثل استبدال اسم فاطمة بآخر. فما الحاجة إلى هكذا تغيير، اللهم إلا أن يكون الهدف هو إجهاض فكرة التطوير من أساسها عبر استفزاز المجتمع؟!
هكذا، يصور الفريق المعادي للتعديلات ما حدث وكأنّ الكتب المدرسية باتت خالية من النصوص الدينية؛ آيات قرآنية وأحاديث نبوية، وذلك غير صحيح تماماً، وبما ينفي بالمطلق زعم محاولة سلخ الجيل عن دينه.
أيضاً، ولعله الأخطر، فإن بعض ما يُنشر ليس إلا كذباً صريحاً لا وجود له في الكتب؛ من مثل فتاة صغيرة تخلع ملابسها في أحد الدروس، أو تعليم الطلبة أن القدس عاصمة إسرائيل. يضاف إلى ذلك التأكيد بأن الدرس المتعلق بالبطل الأردني فراس العجلوني قد حُذف في التعديلات الأخيرة، فيما الحقيقة أن ذلك تم قبل عامين. وكما أن هذا الحذف يظل خطأ بكل الأحوال، كذلك هو الكذب وتشويه الحقيقة، لاسيما أن الغاية منهما هو إشعال نار المعركة أكثر، بما يخدم أجندة الرافضين لأي تعديلات.
الغريب أننا لم نختلف أبدا على التشوهات في كتب أبنائنا، وكنا متفقين على أن أدوات التعليم المتاحة لأجيال الأردن المستقبلية لا تقيها شرّ الزمان؛ فلماذا نختلف الآن على ضرورة تعديل المناهج؟!
من جديد، تعديل المناهج حاجة وطنية ملحّة. وعلى الأهالي أن يكونوا من أنصار التعديل والتطوير، لا الوقوف في وجهه. وعلى الفريق المضاد للفكرة التحلي بالموضوعية، تماماً كما على الجهة المدافعة عن المبدأ وضع تصورها لتطوير الكتب المدرسية. فحتى اليوم، ما تزال وزارة التربية والتعليم، ومن عملوا على تعديل الكتب، صامتين. وما يقدمونه من معلومات لا يكفي لدحض أو تأييد ما يتم تداوله في مواقع إعلامية. وإجلاء الواقع، وبالتالي إعطاء المجتمع القدرة على تحديد موقفه بناء على الحقائق وليس الإشاعات، يستلزمان خطة إعلامية تشرح بصدق كل ما جرى، وتفسره.
المشكلة أن التيار الذي يشوّه القصة في عقل المجتمع يعمد إلى الاجتزاء واللعب على وتر الدين الحساس لكسب المعركة. وقد تفاقمت القصة حد استخدام الطلبة وقودا في معركة يفترض أنها فكرية. ومن المؤسف، بل والموجع، أن تشيطن الفكرة، وتُختطف فرصة إنقاذ أجيالنا المقبلة، بسبب خلافات ومناكفات سياسية.
على الجميع أن يُحكّموا ضمائرهم، وأن نعاود مراجعة المعادلة، بحيث يكون الجميع شركاء في إصلاح وتطوير الكتب المدرسية بعيدا عن التخندق، لأننا في خندق واحد؛ رضينا بذلك أم لا.