غضب النواب

قرأ الناس عن توجه لدى عدد من السادة النواب لتقديم استقالاتهم احتجاجا على تهميش يتعرض له المجلس. ورغم أن من أعلن هذا رفض ذكر اسمه، إلا أن من يقترب من أجواء النواب يدرك أن هناك حالة من التوتر السياسي والغضب والخوف من القادم.
وليس سرا أن جزءا من حالة الغضب النيابي تعود إلى تزايد التوقعات بأن انتخابات مبكرة ستتم، وأن مجلس النواب سيتم حله هذا العام. وهي تحليلات لا يدعمها أي موقف رسمي، بل يفترض أن المجلس قادر من خلال رئاسته على أن يحصل على معلومات دقيقة، أو على الأقل قراءة أقرب إلى الدقة، بدلا من الاستسلام لما يتم تداوله.
ومن حق الناس على المجلس الذي يمثلهم أن يتعامل باعتباره مؤسسة دستورية، وليس على أساس أن النواب أفراد. وهذه المؤسسة الدستورية لها صفة تمثيلية كاملة، أكبر من أي لجان فنية يتم تشكيلها لإنجاز مهمة محددة وفيها أعضاء بعضهم يمثل نفسه، وآخرون يمثلون قوى محدودة التأثير. ومهما كان عمل اللجان، فإن مخرجاتها في النهاية يجب أن تذهب إلى مجلس الأمة لمناقشتها وإقرارها.
نريد مجلس النواب أكثر تماسكا من الناحية السياسية، وأن يكون حاضرا بتعامل وأداء يتناسبان مع موقعه الدستوري. فالتعديلات الدستورية التي تقوم لجنة ملكية باقتراحها لا يمكن أن تتحول إلى واقع إلا إذا أقرها مجلس الأمة، ولهذا فلا ضرورة للغضب والتوتر أو تسريب أي أخبار عن توجهات بالاستقالة، لأنه حتى لو كان هناك من يدعو لحل المجلس، فهل من الحكمة أن يقدم المجلس خدمة لهؤلاء بأن يستقيل جزء من أعضائه، وبالتالي إفقاد مجلس النواب تماسكه وإدخاله في أزمة؟
مجلس النواب له صفة تمثيلية، ولا يضعف صفته الدستورية بعض الأداء الضعيف سياسيا، وهو ممثل للأردنيين. وإذا كانت هناك بعض القوى تريد انتخابات مبكرة حتى تدخل المجلس أو تضع مقياس الشرعية وفق وجودها أو غيابها عن المجلس، فهذا ليس معيارا دستوريا أو سياسيا. وبالتالي، فإن على السادة النواب أن يكونوا أكثر تماسكا وقوة، لا أن يظهر على مواقفهم التوتر والغضب، أو أن تظهر من البعض العصبية السياسية التي عبروا عنها بالتهديد بالاستقالة.
من يتحدث عن قانون انتخاب جديد وتعديلات دستورية حرصا على قوة مجلس النواب، عليه أن يتعامل باحترام للمجلس الحالي. وحتى لو كانت هناك ملاحظات على أداء المجلس، فإن كل المجالس السابقة كانت عليها ملاحظات، بل كان يلاحقها سؤال الشرعية والنزاهة، ولم نشهد من المعارضة استقالات أو مطالبة بحلها وهم كانوا جزءا منها. ولهذا، فجزء من الفكر الإصلاحي احترام مؤسسة مجلس النواب والمجلس الشرعي وإعطاؤه دوره السياسي والدستوري، لأن مسيرة الإصلاح تحتاج إلى مجلس الأمة، ولا يجوز أن يتحول إلى قربان نقدمه استرضاء لأي طرف أو أي مرحلة.
على المجلس أن يتماسك سياسيا، وأن يكون حضوره بحجم المرحلة، لا أن يكون أفراده مسكونين بالخوف من الرحيل، فلا إصلاح من دون مجلس النواب. لكن لا يجوز لمن يطالب بنزع صلاحية حل المجلس من الملك أن يسعى لإقناع الملك بحل المجلس الحالي، ولا يجوز أن يكون المجلس الحالي مرتبكا غاضبا وخائفا من الرحيل.