أحجية الكازينو!
لا خلاف على جهة الاختصاص في نظر قضية الكازينـو، فهي تتعلق بوزراء لا يحق لغير مجلس النواب أن يتهمهم أو يحاكمهـم. وقد اعترفت هيئة مكافحة الفسـاد بذلك عندما حولت الملف إلى المجلس، ولكن ليس قبل إجراء تحقيقات مفصلة والاستماع إلى إفادات رئيس الوزراء والوزراء ذوي العلاقـة.
مر على قضية الكازينو خمس سـنوات لم تتحرك خلالها كقضية فسـاد، أما إحيـاؤها الآن بتحويل الملف إلى دائرة مكافحة الفسـاد، فقد كان قراراً لرئيس الحكومة معروف البخيت القصـد منه الحصول على حكم بالبـراءة حتى لا تظل القضية معلقة فوق رأسـه بعد عودته إلى الدوار الرابع.
أثبتت تحقيقات هيئـة مكافحة الفساد أن أحـداً لم يقبض مالاً أو يسـتفيد كثمن لتمرير الاتفاقية. وهذه نتيجـة لا يستطيع مجلس النواب أن يتجاهلها وإن كان من حقه أن يتأكد منها.
ما يبقى بعـد ذلك للمحاكمة هو ما إذا كان قرار مجلس الوزراء بتفويض وزير السياحة بتوقيع اتفاقية الكازينو يعتبر فسـاداً، ولكن مجلس الوزراء صاحب ولاية عامة، يتخذ قراراته بموجب صلاحياته التقديرية لما يرى فيه المصلحة العامة، وهو يخطئ ويصيب في الحكم والاجتهـاد، وهذا ليس فسـاداً أو جريمة.
الترخيص لكازينو في الأردن لا يخالف القانون، ولا يشكل جريمة، وقد عـرف الأردن الروليت في نادي السـباق الملكي بماركا وفي فندق صغيـر عند مصب نهر الأردن قبل 1967، ولم يكن القمـار فيهما محظـوراً على الأردنيين كما هو في اتفاقية كازينو البحر الميت.
الأردن محاط بكازينوهات في أريحـا وطابا ودمشـق وبيروت وبغـداد، دون أن يحسب ذلك جريمة فساد، وقد اعترف رئيس وزراء أسبق بأنه مقتنع بضرورة وجـود كازينو في الأردن لاجتذاب السياحة الأجنبيـة وتحقيق إيرادات هامـة للخزينة، ولكنه لا يملك الجرأة على المجاهرة برأيه واتخاذ القرار.
ضريبة الدخل على الكازينوهات تكون في العادة 75%، وتحقق حصيلة لا تقل عن 300 مليون دولار سنوياً بالعملة الأجنبية.
نعم القمار سـيء، ولكن هناك الكثير مما هـو أسـوأ منه، ومع ذلك يمارس دون اعتراض، ومتاح للجميـع، في حين أن الكازينو محرم على الأردنيين.