لماذا ..؟


كلمة واحدة تختصر كل هذا الذي يدور في خلد المواطن الأردني الشريف اليوم ، كلمة واحدة تقول ما تعجز عنه المقالات والبيانات وأعمدة الصحافة وتعليقات كل وسائل التواصل الاجتماعي ، نعم ، لماذا ..؟ لماذا ، هي السؤال المعرفي الذي تبدأ فيه عظمة المعرفة ، لماذا الاغتيال بدلا من الحوار ..؟ لماذا الكراهية بدلا من المحبة ..؟ لماذا الهدم بدلا من العمران والبناء ..؟ نحتاج لدهر طويل حتى نبني ، وللحظة مجنونة لنهدم وندمرّ ونغتال ونخلق الفتنة ، فمن يطلق " الشرّ " من صندوق " باندورا " الأسطوري بيد آثمة ، يستحق أن تكف يده بقوة القانون ، ولا أحد فوق القانون ، إن أبشع أنواع الاغتيال اغتيال الكلمة ، ومن لا يقدر على تثمين دور الكلمة لا يستحقها ، ولكن لا يحق له أن يصادر حق صاحبها في الحياة ..! .
الآن بدأت حاجتنا القصوى لفحص حالة المعرفة في مدارسنا وجامعاتنا ، الآن علينا أن نعيد قراءة ممارساتنا بين الأجيال ، وكيف يقوم بعض المربين بتسميم عقولهم المتفتحة على الحياة والحرية ، بخطاب بشع ومؤسف هو خطاب الكراهية ، فكيف يقبل العقل الذي يتلقى العلم في الهندسة في جامعة أردنية عريقة على قبول خطاب الكراهية ..؟ من يصدق أن العلم يتعايش مع عقل مغلق ، وكم من عقول مغلقة خرجنا من جامعاتنا وسمحنا لهم بأن يصبحوا أوصياء على عقول الصغار يعلمونهم بلا رحمة مبادئ الموت والدمار بدلا من المحبة والمواطنة والرحمة ..؟ ليس لنا أن نتشابك الآن في نقاش جانبي على نوعية تعديل الكتب المدرسية ، بل إن علينا أن نستميت في الحوار حول ماذا نعلم ومنهجنا في بناء العقول والمواطنة ، ومن هم الذين نعهد إليهم بتربية عقول الجيل الناشئ الذي سيدير الوطن يوما ما ..؟
قضايانا اليوم كلها تبدأ من فشل تربوي ومن ترك الحبل على الغارب لبعض الفئات التي تعلم خطاب الكراهية بدلا من التواد والمواطنة والإنسانية ..نطلق السؤال الكبير الذي نختصره بكلمة واحدة : لماذا ..؟ ونقول بأن اغتيال أصحاب القلم جريمة ، وصاحبها تعلم الكراهية بدلا من المحبة ، صاحب الرصاصات القاتلة والتي أصابت رأس كاتب أردني ، رصاصات رجل لم يتعلم المحبة في المدارس والجامعة ، فشلت المدارس في هذا الدور الأخلاقي والوطني والإنساني ، وعلمته الكراهية ، فهل نقول بالصوت الملآن الآن بأن الصراع الدائر حول التغيرات في الكتب المدرسية لا فائدة منه إن كان بعض المعلمين يقدمون بأنفسهم السمّ للعقول ، ويسممون الصغار بتعليمهم الكراهية ..؟
اغتيال أصحاب الأقلام لا يعني أبدا اغتيال الكلمة .. لا أحد يغتال الكلمة .. لا أحد .. لأن الكلمة عصية على الاغتيال .