مجزرة الإيرادات المحلية


بعض توصيات مجلس السياسات الاقتصادية فتحت شهية أصحاب المصالح لتخفيض الضرائب ، ووصل بهم الأمر إلى إطلاق أحكام مغلوطة مثل أن تخفيض ضريبة المبيعات والجمارك يحفز النمو ، والصحيح أن تخفيض ضريبة المبيعات يحفز الاستهلاك المتضخم أصلاً ، وتخفيض رسوم الجمارك يحفز الاستيراد ، ويزيد العجز ، ويستنزف احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية ، ويقتل الصناعة الوطنية المهددة بالإفلاس ، ويخرب موازين الاقتصاد الأردني التي تعاني من العجز.


كنا نفهم أن يدعو الخبراء لإيجاد مصادر إضافية للإيرادات أو تخفيض النفقات إذا كان المطلوب فعلاً تخفيض عجز الموازنة وتقليل الحاجة للاستدانة ، أما أن تبرز دعوة لتخفيض المصادر الموجودة والتي استوعبها السوق وتكيف معها ، ولم تعد تشكل مشكلة ، فأمر لا يمكن تفسيره بغير الانحياز إلى المصالح الشخصية على حساب المصلحة العامة.

الأردن بدأ برنامجاً للإصلاح الاقتصادي من أهم أهدافه تخفيض عجز الموازنة وتخفيض المديونية ، ومع ذلك تأتي دعوات وتوصيات لنسف هذه الأهداف والاتجاه إلى عكسها تماماً ، مما قد يؤدي لأن يرفع صندوق النقد الدولي يده ، لأنه لا يستطيع فرض الإصلاح إذا كانت الحكومة ليست معنية به ، بل تفتح الباب لزيادة العيوب بدلاً من علاجها.

غرفة التجارة يهمها تحفيز الاستيراد ، خاصة بعد أن ثبت أن تخفيض الجمارك ينعكس على الأرباح ولا يؤدي لتخفيض الأسعار لصالح المستهلك.

من الغريب أن تسكت غرفة الصناعة على هذا الذي يجري ، وهي التي تطالب بالمزيد من الحماية الجمركية إذا كان يراد لها أن تصمد وأن تستمر في توظيف ُخمس القوى العاملة في البلاد.

إذا كانت مصالح التجارة والصناعة متناقضة ، فإن على الحكومة أن تميل باتجاه الصناعة التي تحتاج إلى الحماية والدعم ، ذلك أن التجارة لا تعاني ، وليس لديها شكوى ، وكل ما تريده هو زيادة الأرباح.

وإذا كانت الحكومة لا تريد أن تنحاز إلى جانب الصناعة فلا أقل من أن تنحاز إل الخزينة العامة التي تحتاج للمزيد من الموارد المالية لتخفيض العجز ولا تتحمل التضحية بعشرات الملايين من الدنانير نتيجة التخفيضات التي اقترحها أو أوصى بها أصحاب المصالح.

يبـدو كأن المقصود أن لا يقترب الأردن من حالة الاكتفاء الذاتي مالياً ، وأن يظل عالة على المساعدات والمنح الخارجية المشروطة.