عندما يفوز الوطن في الانتخابات


لأنها ما زالت تجربة حديثة للهيئة المستقلة للانتخاب، فقد حدث بعض التأخير في إعلان النتائج، وأن الهيئة أعلنت بعد ذلك وبصورة نهائية كل ما لديها من حقائق وأرقام، وأنها تركت الباب مفتوحاً أمام الذين لم يحالفهم الحظ للطعن بأية نتيجة للانتخابات النيابية أمام القضاء، سواءً من المرشحين في الدوائر أو من خلال القوائم.
وإذا كانت بعض الممارسات السلبية قد حدثت هنا وهناك وأغلقت بعض الطرق، وأقدم البعض على حرق الأشجار ،وحدثت العديد من الإعتصامات والمسيرات وأن بعض الإصابات قد وقعت ، فإن كل ذلك من الأمور اعتدنا عليها في أية انتخابات تتم، لكن الحقيقة التي نؤمن بها جميعاً أن الفائز الأول في الانتخابات النيابية هو الوطن والمواطن، فقد قال الشعب الاردني كلمته ومارس حقه الدستوري باختيار مرشحيه الى مجلس النواب الثامن عشر وليثبت للجميع انه على أعلى درجات المسؤولية وان الديمقراطية بدأت تتجذر لتصبح جزءا من حياته، وأن الحكومة كانت على نفس المسافة من المرشحين من مختلف ألوان الطيف السياسي، والأحزاب، وأن الهيئة المستقلة للانتخاب قامت بتنفيذ أحكام القانون وفي كل مراحل العملية الانتخابية وأن الجميع ومركز حقوق الانسان والمراقبين الدوليين والاقليميين ومنظمات المجتمع المحلي قد شهدوا بنزاهة هذه الانتخابات.
لفت انتباهي هذا الحشد الكبير من الشباب الاردني الذي توجه بكل حماس الى صناديق الاقتراع وبعضهم لاول مرة في حياته بعدما بلغ سن الرشد فكان واحدا من فرسان التغيير حيث مارس هذا الحق المقدس بكل جرأة وموضوعية.
العنصر النسائي استطاع أن يدفع الى القبة العديد من المرشحات بدون الكوتا، وأن المرأة اثبتت حضورها على الساحة الانتخابية فكانت الام تصطحب رضيعها واطفالها الصغار وتقف في الطابور بانتظار دورها للادلاء بصوتها. حتى كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة كانوا في غاية السرور وهم يتوجهون الى مراكز الاقتراع وبعضهم للمرة الاولى بعد ان اتخذ المجلس لشؤون الأشخاص المعوقين كل الترتيبات اللازمة بالتعاون مع الجهات المختصة لتذليل العقبات امام المعوقين للادلاء بأصواتهم وخصصت لهم القاعات المناسبة وخاصة لمن يستعمل الكراسي المتحركة حتى ان رجال الشرطة والشباب المتواجدين في مراكز الاقتراع كانوا يسهلون مهامهم ويحملونهم على كراسيهم للادلاء باصواتهم حيث شعروا بانهم جزء من هذا المجتمع وشريحة فعالة فيه.
عملية الانتخابات سارت بكل سهولة ويسر باستثاء ما حدث في دائرة بدو الوسط وان الهيئة المستقلة للانتخاب اتخذت اجراءات جديدة في هذا العام من شأنها التسهيل على المواطنين وان عملية الربط الالكتروني أسهمت في منع تكرار التصويت والتأكد من هوية الناخب وصورته وأن غمس إصبع الناخب بالحبر كان اجراء إضافيا لتفويت الفرصة على اي شخص يحاول التصويت لاكثر من مرة.
لقد انتصرت الديمقراطية وربح الشعب الاردني معركته الدستورية وافرز مجموعة من ابنائه ليواصلوا دورهم في خدمة وطنهم وامتهم واننا على يقين بانهم سيكونون عند الوعود التي قطعوها وعلى صلة مستمرة مع قواعدهم وانهم نواب وطن يمثلون كل شرائح المجتمع حتى اولئك الذين لم يصوتوا لهم فهذه هي الديمقراطية التي يمارسها بلدنا منذ نشأته.