ناهض لكنه رقد على درجات قصر العدل !.
الدم؛ والجهل، والحقد، والظلام ..كلها درجات على سلم التخلف، الذي كان «ذبيحنا» يقاومه بكل شجاعة وشراسة، رقد ناهض حتر هناك، وما زلنا هنا نحصي عدد الطلقات وعدد العثرات ونختار الكلمات..
مجرم يدخل مسلحا إلى قصر العدل، ولغة كراهية تتنامى أمام مرأى ومسمع من الجميع، تحذيرات على كل المستويات من استخدام السلاح وانتشاره بين الناس .. ثم نتساءل : من يقتلنا؟
الأستاذ؛ المقاتل الشجاع الشرس، قضى برصاصات لم نعلم حتى اللحظة عن هوية مطلقها، فأعداء الحرية والكلمة كثر، وكان ناهض في مقدمة الذين يجابهونهم، لكن بالفكرة والكلمة الوطنية الحرة، وليس بالسلاح ولا بالتخلف والحقد والضغينة، فدفع حياته ثمنا لها جميعا.
شريعة الغاب؛ والعدالة الخجولة، والقرارات العجولة، والف سبب آخر، هم حشد من القتلة والمتآمرين الذين خطفوا حياة ناهض، ولا أعلم إلى متى سنتعامى عن كل هذا:
نلقي بالكلمة والرأي إلى مهاو سحيقة، ولا نحترم رأيا آخر، ونغلق عقولنا على فهم الوطنية والمواطنة، وسرعان ما نقفز إلى عمق الحفرة حين يخفق أحدهم أو يخونه التعبير، او تعجز عقولنا عن فهم فكرته، التي قد تكون نورانية وعلى درجة عالية من الوعي والحب للوطن والناس، فنهرع «فزعة» كما القطعان السائمة التي تجفل من كل صوت حر لا يلتزم بقوانين القطيع.. ثم نسأل : كيف نموت؟!.
ننسى بل نتناسى العدل والحق والخير، ونتجاوز عن حقوق الناس ثم نطلب منهم الالتزام، نصادر الحقوق في كل جولة، وندعم العقوق للدولة، ونتجاوز عن المقصرين، نغني للفساد ثم نسأل من يقتلنا بعد كل هذا الانقياد؟!.
كان المغدور مناضلا وطنيا قوميا يساريا مستنيرا وشجاعا، سبق الجميع في مواقفه الوطنية الجريئة، وسواء اختلفت معه أو اتفقت فهو صاحب فكرة وطنية وموقف ورأي، تقدم على متخلفين كثر، ففضح الفساد، والعمالة، والدجل السياسي، والظلام الفكري، ورسم خطوطا واضحة في النضال الوطني الفكري والصحفي، ولم يكن زاده في كل هذا الا حبه للأردن، الذي يغشاه الحزن اليوم على رحيله المؤلم.
على شرفات المذبح وسيرة البطل الذبيح نقف، ولا نلوي على كلمة أخرى، فلا شيء مأمونا أو مضمونا، حين يسود الظلام وتستفحل الريبة، فانثروا الورد على قبر البطل، وقبلوا ثرى الوطن الذي يضمكم بدفء وحنان وحزن، انبذوا التطرف والتخلف، ومزيدا من رفق بأنفسكم وبالأردن..
رحم الله ناهض حتر، ونكتفي بالحزن حتى لا نقول أكثر.
ibqaisi@gmail.com