صفقة سرية


تقول المؤشرات ان الاسلاميين في البرلمان المقبل، سوف يتجنبون الصدام مع الدولة، واذا كان عدد الاسلاميين ليس كبيرا، ولايسمح بالصدام اساسا، الا ان السبب الاساس في تجنب الصدام، رغبتهم في اعادة التموضع في علاقتهم مع الدولة، وليس قلة العدد.
لن يتخلى الاسلاميون عن معارضتهم التقليدية، لكن على الارجح، سوف يصلون الى سيناريو يجمع بين المعارضة من جهة، وتغييب الحدة المعتادة، في هذه المرحلة بالذات، وليس ادل على ذلك من ترشيح د .عبدالله العكايلة لرئاسة البرلمان، بعد رئاسته لكتلة التحالف الوطني للاصلاح، وهي الكتلة التي تمثل الاسلاميين.
علينا ان نلاحظ هنا، ان الاسلاميين اولا، لم يتقدموا بقوائم للانتخابات تحمل اسماء اسلامية تقليدية، بل تمت العنونة النهائية، باسم التحالف الوطني للاصلاح، اضافة الى ترشيح اسماء من خارج الحركة الاسلامية، وهي رسالة من الحركة، انها تعيد التموضع في الداخل الاردني، وتنزع الى صيغة جديدة، مختلفة ومتنوعة، مقارنة بصيغ الاسلاميين التقليدية، التي تنزع للون واحد فقط، وهو لون تم اتهامه مرارا برغبته بالاستحواذ على السلطة، وكل اشكالها.
اضيف الى ذلك، ما اشرت اليه سابقا، فالعكايلة، المفصول سابقا من الاخوان المسلمين، وهو ايضا وزير سابق، يصير رئيسا لكتلة تحالف الاصلاح الوطني، والرسالة من شقين، الاولى للدولة ان الحركة تريد تصفير عداد خصوماتها مع الجميع، بما في ذلك اعضاء الحركة السابقين المفصولين، كما ان الشق الثاني يراعي مكانة العكايلة الرسمية، وتقديمه كرمز مقبول من الدولة، وترشيحه، لرئاسة البرلمان.
كل هذه التفاصيل تثير مجددا السؤال حول مااذا كانت هناك صفقة تمت سرا بين الدولة والاخوان المسلمين، الذين بلا رخصة رسمية، خصوصا، في مرحلة ما بعد خروج المراقب العام السابق د.همام سعيد، من اجل الوصول الى تسوية يمكن وصفها بتسوية تحت الاختبار؟!.
ليس ادل على ذلك من ان الدولة استفادت من وجود الاسلاميين، لمنح الانتخابات نكهة نزاهة، فوق انها تجنبت العرقلة الكلية لوصولهم الى البرلمان، وان حدّت من وصول عدد اكبر من مرشحيهم، عبر تكتيك وجود مرشحين اشد قوة في دوائرهم، وهذا استبدال لنمطية المواجهة المباشرة، عبر اللجوء لوسائل بديلة.
اما اذا كنا امام سيناريو عدم وجود صفقة سرية، او تفاهمات في حدها الادنى، فإننا امام وضع جديد، يسعى فيه الاسلاميون الى استرضاء الدولة، عما جرى في الربيع العربي، ولا تمانع الدولة كثيرا في استقبال هذا العائد الى احضانها، ليبقى السؤال حول كل القوى التي دخلت على مسرب العلاقة بين الدولة والاسلاميين، والفروقات التي سوف تدفعها بشكل طبيعي جراء هذه التحولات.