كيف فهمتم كلمة الملكة؟!


بعض المواقف ومن غير ترتيب مسبق، تظهر مدى ضحالة المتحدثين فيها، وحين يتندر أحدهم بالقول :بنقول الهم ثووور بقولوا : احبلوه !.
ماذا نفعل مع هؤلاء؟ ولماذ يسري جدالهم المريض العقيم سريان الشر في عقل سقيم، فتغيب الأفكار الكبيرة لتتوارى خلف أمراض كبيرة، تجثم في عقول وصدور بعضهم؟ هل يمكن لكم أن تفهموا هذا السجال البائس المتخلف حول تنمية الموارد البشرية، وتحوله إلى حديث عن مناهج دراسية كاللغة العربية والتربية الاسلامية والتاريخ والجغرافيا !.
هل الموارد البشرية التي نحتاجها لبناء بلاد وتهيئة أجيالها يعتمد على الخطابة والنثر والسرد للماضي؟ أين التنمية في القصة؟.
لقد تحدثت جلالة الملكة رانيا بخطاب علمي رزين حول هذا الموضوع، ولم أقرأ في خطابها شيئا عن تغيير مناهج ولا اعلانا لانطلاق سجالات عقيمة.. شو بتحلبوا يا ناس؟!
هل يدرك الناس في بلادنا وفي كل البلدان النامية والتي تتمتع بثقافات خاصة، هل يدركون أن ثمة ثقافة عولمة في العالم، وأن الأجيال الحديثة الجالسة الآن على مقاعد الدراسة، هي كائنات مختلفة عنا تماما، ولديها ثقافة عالمية لا يفهمها منظرونا ومفكرونا؟..
حسنا؛ اليكم هذا المثال الذي تعيشونه يوميا، وقليل منكم يتساءل حوله استقصاء لفهمه:
كثيرون يصادفونكم؛ يتحدثون عن أطفالهم بأنهم «نوابغ زمانهم»، ويضربون مثالا واحدا تقريبا: يا زلمه بيعرف ع التلفون والكمبيوتر أكثر مني! من وين جايب هالذكاء؟! فتجيبه اللهم صلى على سيدنا محمد، لو أحضرتم عاتفين ذكيين حديثين وأعطيتم أحدهما إلى طفل والآخر لوالده، للاحظتم سرعة الطفل في تشغيله والتعامل معه مقارنة مع أبيه ..دققوا النظر في تعامل هذا الجيل مع التكنولوجيا ومع مختلف الظواهر العلمية أو الأجهزة الكهربائية وغيرها.. ستجدون الاختلاف الذي أتحدث عنه، هؤلاء الأطفال هم باحثون علميون في الحقيقة، مقارنة بمن يكبرونهم بعشرات السنين، هم أكثر استعدادا للبحث والتطوير، ولديهم ثقافة لا نفهمها لأنها ثقافة عالمية وصلتنا عنوة او بلا تحضير أو تفكير منا، يشترك فيها الطفل الصيني والأمريكي والاوروبي والافريقي والعربي ..الخ الجنسيات والثقافات.
وهنا يأتي السؤال: هل أساليب تعليمنا المتبعة في مؤسسات التعليم المختلفة، تتوافق مع هذه الحقيقة وتراعيها؟! سأخبركم بالحقيقة و «من الآخر»: العالم يسير باتجاه بينما نحن في التعليم نسير باتجاه معاكس تماما، اذهبوا إلى أطفال المدارس التي تعتمد أنظمة تعليم دولية لتتأكدوا، ستجدون الطالب الأردني في هذه المدارس، يتمتع بمهارات ومعارف وخبرات، تشبه نظيره من أية جنسية حول العالم ويدرس في مدارس تعتمد النظام التعليمي ذاته..إنها أنظمة دولية معدة بعناية وفيها ثمرة تجارب انسانية، متوافقة تماما مع إمكانيات وقدرات ومواهب وأنماط تفكير هذه الأجيال، فلا مجال للحديث عنها وكأنها درع شيطان، تم الحفرفي القبور والكهوف للحصول عليها، هذه ثمرة تطور الانسان على هذا الكوكب.. فتوقفوا عن بث التخلف والمرض أمام أعيننا وعلى مسامعنا.
أصبحوا يتساجلون حول المناهج والماضي، بينما كانت كلمة جلالة الملكة تحليقا في عالم محترم واعد: عرضت جلالتها رؤيتها حول التعليم التي هي رؤية العقل والمستقبل، وعرضت سلسلة من الأهداف لتحقيقها في فترة 10 – 12 عاما، وتحدثت عن حقائق علمية متعلقة بتصنيف الكائنات البشرية «الاطفال» حول العالم في أعمار مختلفة، وعرضت أفكارا واضحة ومعروفة عالميا وتم تجريبها لدى شعوب مختلفة، وهي خطة العمل التي يجب أن يعكف الاستراتيجيون على ترجمتها وتنفيذها ثم مراقبة نتائجها واستقبال التغذية الراجعة عنها..هذا اسلوب علمي لعلاج مشكلة مهمة نواجهها، وصمتنا عن حلها سيجعلها تقودنا إلى عصور الظلام والتخلف، ويجب السير قدما فيها حتى تكتمل مرحلتها الأولى بعد 12 عاما.
يجب وقف السجال المسيء، فالمسألة لا تتعلق لا بأديان ولا بتاريخ، بل تتعلق بالعلم وبناء أجيال قادرة على التعامل مع العالم بشكل مؤهل، وأن لا تكون هذه الأجيال عبئا على البلاد والعالم..
مشكلتنا في هذه المنطقة بأننا بطيئو الفهم والاستيعاب، بسبب أدواتنا التي نستخدمها للوصول إلى المعرفة، وافتقارنا للمهارات التي تساعدنا على الاستفادة منها، وانغلاق عقولنا على انماط تفكير تقليدية ونمطية غارقة بالانطباعية، وإنني أعتقد جازما بأن هذه الاستراتيجيات لو تركت للأطفال أنفسهم لقاموا بتنفيذها وحققوا فيها علامات نجاح عالية، لكن الخلل يكمن في أجنداتنا وفي تواضع بل ضيق افق من نعتقدهم نخبا أو استراتيجيين..كل أصحاب الثقافات والحضارات والهويات القديمة وفي إطار صراع سيادة الثقافات تفاعلوا مع ثقافة العولمة، فحافظوا على هوياتهم وأخذوا خير ما في العولمة وطبقوه، فقفزوا إلى مقدمة الدول المنتجة ولا يعانوا ما نعاني من تخلف وظلام وهمجية، ويكفينا تخلفا أن نعتقد أن تقدمنا وتطورنا وتحفيز أبنائنا على تنمية قدراتهم ومواهبهم وحثهم على التفكير العلمي مرتبط بمناهج الأدب والعقيدة والتاريخ والجغرافيا، ولا حديث مطلقا عن العلوم والطب والهندسة والفيزياء والكيمياء..الخ القائمة التي لا يعرف منظرو التخلف حتى أسماءها.
انا أقترح: احلبوه أريح الكو ولليابان..