الانتخابات عودة للثقة وتكريس للإصلاح
ولعل النجاح الأبرز في هذه الانتخابات التي جرت في ظل حرائق وظروف وأوضاع إقليمية بالغة التعقيد، إعادة الثقة بالعملية الانتخابية ومشاركة كل القوى السياسية وقدرة الهيئة المستقلة على إدارة العملية الانتخابية بمختلف مراحلها منفردة، والتي حظيت بدعم كامل وغير مسبوق من مؤسسات الدولة لإنجاح مهمتها وفي الإطار الذي كان يتطلبه عملها، التزاماً بتوجيهات الملك الواضحة، وتأكيده غير مرة أن لا سلطان على الهيئة إلا القانون ولن يتدخل في عملها أي جهة وإعطاءها الاستقلالية التامة، وهو ما التزمت به مؤسسات الدولة، ولم يسجل عليها أي مخالفة أو تدخل، حتى أن رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي لم يزر الهيئة حتى لا تفسر الزيارة بغير موضعها، ولم يظهر إلا عند ممارسته حقه الانتخابي لتعزيز الثقة بالعملية الانتخابية، وترك الأمر للجهة صاحبة الاختصاص، وهو الأمر الذي أكد عليه عند زيارته الأولى للهيئة بعد أدائه القسم رئيساً للوزراء أمام جلالة الملك، وتقديم الدعم المطلق من الحكومة لها لإنجاح الاستحقاق الوطني الكبير، لتكون الانتخابات علامة فارقة في المسيرة البرلمانية، وهو ما كان، وهذا أيضاً ما التزم به الفريق الوزاري.
نجاح الانتخابات بمختلف مراحلها والتي شهد به المراقبون الدوليون والعرب فضلاً عن الأردنيين مرت بعملية دقيقة وكان الهاجس أولاً إعادة الثقة بالعملية الانتخابية، وضمان نزاهتها وشفافيتها وان يعكس الصندوق خيارات الناخبين حتى لو أخذ صدور مخرجاتها مدة أطول، ولعل اللجنة الخاصة المشكلة بموجب القانون والتي كانت مهمتها تدقيق النتائج ورقياً والكترونياً وإعلان أسماء الفائزين في مختلف المقاعد، إضافة جديدة لضمان النزاهة، هذه اللجنة التي رأسها رئيس ديوان المحاسبة السابق الدكتور مصطفى البراري الذي أدار المهمة وأنجزها باقتدار وحرية كاملة وبحرص على النزاهة والشفافية وإعطاء كل ذي حق حقه أدارها مع فريق من الذوات، وكاتب هذه السطور أحدهم بالإضافة إلى طاقم من المتخصصين، عملت تحت القسم على مدار الساعة منذ لحظة إغلاق صناديق الاقتراع يوم الثلاثاء وحتى مساء يوم الخميس، ورغم توجيه اللوم بالبطء والتأخير أحياناً، في إعلان النتائج، غير أن الأمر كان يتطلب العمل بدقة ونزاهة وإنجازه بتدقيق كل رقم وكل صندوق وإجراء المطابقة الكترونياً وورقياً للقائمة وللمرشح حتى لا يظلم أحد.
قصارى القول، أنجز الاستحقاق الوطني وفاز 130 نائباً بثقة الأردنيين، ولم يحالف الحظ باقي المترشحين، وعرفت قوى سياسية حجمها الطبيعي، ويتطلع الأردنيون الذين تليق بهم الديمقراطية والنزاهة إلى مجلس النواب ليكون على قدر التحديات، يقوم بمهامه بالرقابة والتشريع على أكمل وجه مبادراً لا عدمياً، متعاوناً مع باقي السلطات على قاعدة الفصل بينها، هاجسه وهمه مصلحة الوطن والمواطن، لا مصالح شخصية أو فئوية أو حزبية ضيقة.
ولا ننسى ختاماً الشكر للهيئة رئيساً ومجلس مفوضين وعاملين وكل من عمل على انجاح هذا الاستحقاق الوطني الكبير وفي مقدمتهم الإعلام بمختلف وسائله والأجهزة الأمنية ومن قبل المواطن صاحب الخيار.