الإخوان في البرلمان


بعد الغياب عن المجلس النيابي السادس عشر والسابع عشر نتيجة لمقاطعة الإخوان للانتخابات، يعود الإخوان المسلمون للمجلس الثامن عشر وبعدد مقاعد (النتائج النهائية لم تعلن عند كتابة هذا المقال ) يزيد بقليل على عشرة نواب. السؤال المهم هو ماذا يترتب على هذه العودة لقبة البرلمان بعد علاقة متوترة مع الدولة والمجتمع في فترة الربيع العربي وما تلاها من تطورات إقليمية ومحلية.

بدايةً، لقد جاءت الانتخابات البرلمانية ضمن قانون انتخاب جديد خلفاً لقانون الصوت الواحد الذي عارضته أغلب القوى السياسية ومنهم الإخوان والذي بالرغم من الانتقادات التي وجهت له لقي قبولاً من كافة القوى السياسية. كذلك جاءت المشاركة الإخوانية بعد عدد من الانكسارات السياسية إقليمياً ووطنياً لجماعة الإخوان المسلمين التقليدية. فبالإضافة لانتكاسة الإخوان في مصر بعد الإطاحة بمحمد مرسي، عانت الجماعة بالأردن من هزة كبيرة نتيجة لخلافات داخلها تفجرت بالخلاف مع أصحاب مبادرة زمزم والإشكال في الوضع القانوني للجماعة والذي انبثقت عنه جمعية الإخوان المسلمين التي أخذت صفة قانونية بعد تسجيلها بسجل الجمعيات.
لقد شكلت الانتخابات البرلمانية فرصة ذهبية للخروج من عزلتها السياسية من خلال حزب جبهة العمل الإسلامي الذراع السياسية للجماعة والتي ما تزال تحكم سيطرتها عليه. لقد تحقق الهدف الأساس للجماعة بوجود عدد من أعضائها نواباً تحت القبة. ولكن بالقدر الذي شكلت به المشاركة بالانتخابات فرصة للعودة للحياة السياسية من خلال مؤسسة البرلمان، إلا أنها أيضاً تشكل تحدياً لحزب جبهة العمل الإسلامي.
التحدي الأول يكمن في استمرار أحكام جماعة الإخوان المسلمين التاريخية بالرغم من اتكالية وجودها القانوني على الحزب وقراراته وبنيته السياسية. هذا التحدي له بعد قانوني مرتبط بوجود جماعة غير قانونية تديره كواجهة لها. لقد كان من المتوقع أن يكون الحزب المخرج القانوني لأعضاء الجماعة ولكن استمرار وضع الحزب بهذه العلاقة الملتبسة قانونياً واستمراره في الإبقاء حصرياً على أعضاء الجماعة تضع الحزب في وضع سياسي وقانوني في علاقته بالدولة ومؤسساتها وتحديداً إذا ما تحول الحزب كمنبر سياسي للجماعة بمواقفها وسياساتها المعروفة.
أما التحدي الثاني فيتمثل فيما إذا كان الحزب قادراً للتحول لحزب سياسي ويحمل أجندة وطنية وإصلاحية يحدد الحزب مواقفه من قضايا المواطنة والعلاقة بين الدعوي والسياسي والارتباط بأطر وجماعات خارجية، لقد سبق الحزب أحزاب ومفكرون آخرون بإجراء هذه المراجعة كالغنوشي في تونس والترابي في السودان وغيرهم الكثير من المفكرين الإسلاميين.
للإنصاف فإن الحزب أعطى بعض الإيحاءات لهكذا توجه وخاصة من خلال تخليه عن الشعار التقليدي "الإسلام هو الحل" الذي كان يستخدمه بالانتخابات السابقة وكذلك التغيير الذي تابعناه في المهرجان الانتخابي للحزب، ولكن الحزب لم يطرح برنامجاً إصلاحيا بالمقابل.
كما شكلت الانتخابات فرصة لخروج الحزب والجماعة من العزلة والأزمة التي مرت ولكن أيضاً فإن وجودهم تحت القبة يشكل فرصة تاريخية لعملية إصلاحية ذاتية تتحول من خلالها إلى حزب سياسي مستقل يقود عملية إصلاحية داخلية وبدون ذلك سوف يعودالحزب للمربع الأول.