إنجاز أردني كبير في مرحلة تاريخية..


لايهمني كثيرا عدد الذين فازوا ، أو الذين لم يحالفهم الحظ ، في قوائم المرشحين في معركة التنافس على مقاعد البرلمان ، لأن الاهم هو ان هذا الاستحقاق الديمقراطي قد تم في وقته ، وبالشكل المرضي ، عبر الاحتكام لصناديق الاقتراع ، وهو الانجاز الذي يؤكد اننا على الطريق الصحيح في مسيرة الاصلاح والتغيير من اجل مستقبل افضل ، وهو الهدف الذي اشار اليه الملك عبدالله الثاني ، باعتزاز ، في خطابه أمام قادة وممثلي الامم ، الذي عرض فيه ، واقعنا المحلي والاقليمي بمضمون شامل حقيقي ، وعلى قدر كبير من المسؤولية التاريخية.


جرت الانتخابات النيابية ، في اجواء من التنافس المعتاد ، وفي واقع آمن مستقر، وهو بحد ذاته انجاز كبير ، لأن الواقع الاقليمي النازف الملتهب غيّب العديد من البرلمانات وعطل المؤسسات التشريعية في اكثر من بلد عربي ، بسبب قوى الشر والارهاب التي نشطت في هدم المؤسسات وتفكيك الدول ، من خلال التضليل والافتراء والعنف والفوضى ، والوعود الكاذبة ، واستغلال المقدس من أجل استقطاب وجذب الجهاديين من كل اطراف الدنيا ، والتلاعب بمشاعر المؤمنين المتدينين ، لتحقيق أهداف مشبوهة ، ومكاسب سياسية ، والقفز على السلطة في اكثر من بلد عربي.

أعتقد ان المهاتما غاندي هو الذي قال: « التعصب والغضب اكبر اعداء العقل «. والحقيقة ان التطرف هو اشد انواع التعصب ، وأن المتطرفين الظلاميين التكفيريين الذين اساؤا للدين الاسلامي الحنيف يريدون جر العالم الى صدام حضارات ، وقد حذّر الملك عبدالله الثاني في كلمته امام قادة العالم في الامم المتحدة من نشاط واهداف الجماعات الارهابية ( الخوارج ) فقال جلالته أن المتطرفين الارهابين يريدون محو انجازاتنا وتدمير الحضارة ودفع الانسانية لعصور الظلام ، كما دعا جلالته الى شراكة ونمط تفكير جديد لمواجهة العدو غير التقليدي ، وقال في منتهى الصراحة والوضوح: « أجد نفسي مصدوما من الفهم المغلوط لطبيعة الاسلام لدى الغربيين «.

الحقيقة أن مسألة مواجهة الارهاب تحتاج الى ما هو اكثر وأشمل من العمليلت العسكرية والقصف الجوي ، كما تحتاج الى نمط جديد من التفكير ، لأن المواجهة الشاملة تحتاج الى استخدام الوسائل التربوية والاعلامية والفكرية ، الى جانب استخدام السلاح والعمل العسكري ، لأن المتطرفين شكلوا تيارا امميا نجح استخدام وسائل الاتصال الاجتماعي وكل الوسائل التكنولوجية ، واستخدام المقدس لنشر ثقافة الانتحار والتدمير الذاتي ، والعداء للحضارات والمذاهب والاديان.

والقضية المهمة الاخرى التي احتواها خطاب جلالته في عمومية الامم المتحدة ، والتي اطلقها الاردن منذ بداية الازمة في سوريا ، تمثلت في القناعة باستحالة الحسم العسكري ، وبضرورة ايجاد حل سياسي عبر الحوار والتفاوض ومشاركة كل اطياف وموكونات الشعب السوري ، من أجل انهاء معاناة الشعب والحفاظ على وحدة سوريا ارضا وشعبا.

الحقيقة ان استحالة الحسم العسكري اصبحت واقعا سوريا فرضه تعدد الاطراف الاقليمية والدولية المشاركة والمتورطة في الشأن السوري الداخلي. هذا التدخل سلب السوريين حرية القرار في حل المسالة ، بسبب تعدد الاهداف والمصالح لكل طرف. ولكن في النهاية من الواجب العمل والضغط لوقف القتال واعطاء الاطراف السورية فرصة للحوار والتفاهم حول حل عادل على قاعدة المصالحة والمشاركة في صياغة مستقبل شعبهم وبلادهم.