د. مراد الكلالدة يكتب : عشرة أسباب لمعارضتنا نقل ميناء العقبة من الناحية التخطيطية
لقد انشئت أولى المناطق الخاصة في العقبة على أمل ان تكون مثالا يحتذى في التنمية وذللت غالبية العقبات في طريقها وتم الاستغناء عن ايراداتها المالية التي كانت تورد للخزينة سابقا من اجل نجاح التجربة ليتم إعتمادها كنموذج تنموي يعمم على باقي مناطق المملكة.
ونظرا لكون الاشخاص الذين جلسوا في كراسي الرؤساء والمفوظين يتبعون الى درجة كبيرة النهج الليبرالي في الاقتصاد وتلامذه مطيعين ينفذون الأوامر التغيرية التي وضعت نصب اعينها البحث عن الفرص الاستثمارية ايا كانت فقد سقطو في المحظور فيما يخص بيع اراضي ميناء العقبة لشركة المعبر الدولية وذلك للأسباب التالية:
1. الواجهة البحرية لمدينة العقبة محدودة يقدر طولها بسبعة وعشرين كيلومتر وهي المنفذ البحري الوحيد للاردن وتشكل أرض الميناء المباعة بثمن بخس مركز هذه الواجهة حيث يبين المخطط الشمولي للعقبة وجوب الحفاظ على هذا الموقع كميناء بحري، فكيف يتم تعديل صفة الاستعمال بشكل مفاجيء ليتم تخصيصة للفنادق والاسواق والشقق.
2. يعرف عن البيئة البحرية لخليج العقبة الانحدار المفاجيء والكبير من الشاطيء باتجاه البحر مما يتسبب في صعوبة إنشاء الارصفة الثابتة التي تحتاجها السفن للاصطفاف. وقد تم إختيار الموقع الحالي للميناء في الستينات من القرن الماضي ضمن الشريط الساحلي المتاح لهذا السبب بالذات مما مكّن الميناء من التوسع افقيا للحصول على ساحات تخزين إضافية. ولهذا نجد أن الموقع الحالي هو الانسب ولا سيما انه قد نمى بشكل طبيعي وشكل محور الخطط الشمولية على مدى خمسين عاما مضت.
3. لقد تم بناء الخطط التنموية للعقبة على أساس موقع الميناء الحالي فمسار الطريق الساحلي متناغم مع الاراضي المخصصة للميناء، كما أن الطريق الخلفي قد انشيء متاغما مع هذه الاستراتيجية وقد كلفت هذه الأعمال الشعب الاردني المليارات من الدنانير فلماذا يتم نسف جميع هذه الانجازات التخطيطية بهذه السهولة ولصالح من.
4. من المعروف ان حركة النقل هي المحور الرئيسي لعمل الموانيء وهي تعني النقل من الأرض إلى السفن وبالعكس، ولكن هذه الحركة متشعبة افقيا لتخدم المناطق داخل العقبة نفسها وكافة المدن الاردنية وحتى الدول المجاورة الى درجة أصبح فيها ميناء العقبة في يوم من الايام المنفذ البحري للعراق ولتجارة الترانزيت. وما يعنينا هنا الحلول التخطيطية العديدة التي تم تطويرها عبر السنين لضمان الانسياب الصحيح للبضائع عبر بوابات الميناء مما تطلب انشاء طرق وجسور إضافية ثبت نجاعتها وقد كلفت الاردنيين المزيد من شد الاحزمة على البطون لنصل بالميناء الى ما هو عليه الآن، فلما ننسف جميع هذه الانجازات ونرجع للبدء من الصفر في موقع آخر.
5. لقد انشأت مؤسسة المواني في السبعينات من القرن المنصرم ميناء إضافي إلى الجنوب من الميناء الرئيسي يعرف بميناء الحاويات وقد كان قصة نجاح افتخر بها الاردن لسنوات وقد قامت السلطات الاردنية ببيع وتاجير هذا المشروع الناجح لشركة أجنبية تستحوذ على ارباحه وتحولها الى الخارج. وما يهمنا هنا من الناحية التخطيطية مكان هذا الميناء في المخطط الشمولي للعقبة الجديد وما مصير الشركات اللوجستية التي استثمرت بالقرب من ميناء الحاويات إذا ما سلمنا بان الموقع الجديد للميناء هو الانسب والذي يبعد عن ميناء الحاويات عدة كيلومترات وبهذا يصبح لدينا مواقع مشتتة يصعب الربط فيما بينها فهل ستتخلى شركة ميناء الحاويات عن هذا الموقع لصالح الموقع الجديد الذي من المفترض ان يخدم البضائع المكيسة والسائبة والحاويات. ثم ما هو مصير الخطط المعمولة لربط هذا الميناء بشبكة سكة الحديد وهل يمكن تعديل المسار ليصل الى الموقع الجديد للميناء البديل المقترح.
6. هل اخذ جهابذه التخطيط في سلطة العقبة الخاصة جدا الارصفة الاخرى بعين الاعتبار عند التفكير بنقل الميناء الرئيسي مثل ميناء الفوسفات والبوتاس والمواشي والنفط، والجواب للعارف هو بالتاكيد "لا" ولماذا تم توريط شركة الفوسفات بإنشاء رصيف خاص بمئات الملايين من الدنانير للتغطية على ما يجري من التخبط.
7. لقد أقام الشعب الاردني ممثلا بحكوماته المتعاقبة في السبعينات من القرن المنصرم ميناء خاص بالركاب مع رصيف عائم خاص بالقرب من ميناء الحاويات يخدم حركة الركاب والشاحنات من والى نويبع المصرية وقد تم تطوير الموقع عبر السنين وتم مؤخرا حل مشكلة التداخل في حركة المرور بين ميناء الحاويات وميناء الركاب وتم تطوير الساحات والمباني وفقا لذلك فهل علينا ان نقبل بالرأي الداعي لنقل ميناء الركاب الى الجنوب بعد كل هذا العناء واعطاء الرصيف العائم المخصص للركاب لميناء الحاويات وربط الارصفة العائمة بعضها ببعض على حساب البيئة البحرية المرجانية التي عز نظيرها في المنطقة، وهل علينا ان نقبل بالهراء الداعي لنقل المرجان الذي تشكل عبر ملايين السنين كما يحاول مفوض البيئة في السلطة ان يقنعنا به جزافا.
8. اذا ما سلمنا بان الضرورة الاستثمارية تقتضي نقل الميناء الرئيسي إلى موقع آخر، فهل يلبي الموقع البديل المتطلبات التنموية كمنفذ بحري جديد للاردن، وجوابنا بشكل مقتضب هو النفي لأن الميناء الجديد سيكون رصيف عائم صغير وليس رصيف ثابت، كما ان المختصين بالعلوم البحرية قد اكدو أن أعماق المياه في تلك المنطقة كبيرة جدا مما يتسبب في مشاكل في قطر البواخر واصطفافها ونشوء مثل تلك المشكلة التي يعاني منها رصيف الميناء العائم لمحطة الركاب على الضلع الطويل منه، هذا بالاضافة على محدودية الاراضي المحيطة ووعورتها، كما انها تفتقر الى البنية التحتية وكم سنحتاج من الوقت والجهد والمال لنصل به إلى ما هو قريب من الوضع في الميناء الرئيسي الحالي ومن سيدفع التكاليف التي تقدر بالمليارات؟ وسيطل علينا احدهم قريبا ممسكا بالشريك الاستراتيجي بيده اليمنى والذي سينقذنا من الورطة التي نحن بها مقابل ان يمتلك الميناء الجديد في مقابل نسبة من الارباح التشغية قدرها 3% كتلك التي سنحصلها من شركة المعبر الدولية مقابل اراضي الميناء الرئيسي التي فقدناها والتي تبلغ مساحتها 3200 دونم وبواجهة بحرية قدرها 2 كلم.
9. إن الارض التي تم بيعها هي ملك الشعب الاردني فكيف يحق لحكومة عابرة ان تتخذ مثل هذا القرار وتذهب كغيرها ويبقى قرارها الذي سيكتوي الشعب بناره الى أمد بعيد.
10. مع كل الإحترام للجهود الكبيرة التي بذلها بعض الرؤساء والمفوضين وبعض مدراء شركة تطوير العقبة فإنه يلاحظ ان الدولة قد فقدت بوصلتها التخطيطية واصبحت تدار من قبل اشخاص يهبطون علينا بالمظلة ولا يراعون الخطط الاستراتيجية وما تم بنائة عبر السنين لأن همهم الأكبر هو جني اكبر قدر من العمولات في اقصر وقت ممكن، فهل على الشعب الاستسلام لذلك؟
أدعو الرئيس البخيت من على صفحات المواقع اليكترونية التي تتنفس الحرية في عهده لفتح هذا الملف بسرعة للنظر في امكانية إستعادة أراضي ميناء العقبة باقل الخسائر الممكنة حتى لا تتكرر مأساة الكازينو التي ستكلف الشعب الاردني أكثر مما يمكن ان يحتمل.