أثر المساعدات الاقتصادية على القرار السياسي
لا احد يستطيع أن ينكر الدور الذي لعبته المساعدات الاقتصادية والمالية في تطوير الاقتصاد الاردني منذ نشأة المملكة, فقد كانت عاملا ومصدرا مهما من مصادر التمويل للموازنة العامة ولميزان المدفوعات وللمشاريع الرأسمالية ولبناء البنية التحتية في مختلف القطاعات الاقتصادية في المملكة.
ومن المعلوم أن مصدر المساعدات عند إنشاء المملكة كان من بريطانيا ثم بعد ذلك تنوعت مصادر المساعدات لتصبح من دول مختلفة عربية شقيقة, كالسعودية والامارات والكويت وقطر والعراق وغيرها, ودول أجنبية صديقة كالولايات المتحدة الامريكية ودول الاتحاد الاوروبي واليابان وفرنسا والمانيا وغيرها, ومن مؤسسات اقتصادية وصناديق مالية عربية وإقليمية ودولية. السؤال الذي يطرح هو هل لهذه المساعدات دور في التأثير على صنع القرار السياسي الاردني الدولي منه والاقليمي والمحلي?
باعتقادي أن هذا السؤال مهم جدا وخاصة في هذه المرحلة. فنحن نسمع ونقرأ عن قدوم مساعدات من جهات مختلفة ولأغراض مختلفة. للإجابة على التساؤل نقول أن هناك مجموعة من العوامل التي تلعب دورا في تحديد ما اذا كان للمساعدات دور في التأثير على صناعة القرار السياسي الاردني المحلي منه والخارجي, ومن هذه العوامل نذكر ما يلي:
أولا: مدى الحاجة الى المساعدات, بمعنى هل الحاجة ملحة لدينا للحصول على المساعدات وهل تفرض علينا الظروف الاقتصادية والمجتمعية والسياسية المحلية الحصول على مساعدات.
وثانيا: الغرض من المساعدات, فهل هي مساعدات فنية واستشارية فقط, أم مساعدات غذائية أم مالية لدعم الموازنة وميزان المدفوعات, أم مساعدات عسكرية, أم مساعدات ضمن اتفاقيات ثنائية وغيرها. واقع الحال يقول أن أشكال المساعدات التي قدمت للأردن عبر العقود الماضية كانت تشمل كل ما ذكر سابقاً.
ثالثا: مصدر المساعدات, فهل المساعدات من دول أم من مؤسسات مالية دولية وإقليمية.
رابعا: الظروف المحلية السياسية والاقتصادية والمجتمعية للمملكة عند طلبها وتلقيها المساعدات.
خامساً, الظروف الاقليمية السياسية والاقتصادية السائدة حولنا لحظة التقدم للحصول على المساعدات.
سادساً: وهذه نقطة مهمة جداً وهي آلية صنع القرار السياسي والاقتصادي لدى إدارات الدول والجهات المانحة للمساعدات.
سابعاً: أنواع التهديدات الموجودة المحلية والاقليمية والدولية.
أما العامل الحاسم في مدى تأثير المساعدات الاقتصادية على شكل ونوع القرار السياسي في الاردن هو طبيعة المساعدات وشروطها.
بقي أن نقول أن العلاقات الدبلوماسية والسياسية التي بنتها قيادة المملكة منذ نشأتها مع مختلف دول العالم ومؤسساته تلعب دورا كبيرا في التخفيف من حدة التأثير غير المحبذ للمساعدات على صناعة واستقلالية القرار السياسي الاردني المحلي والخارجي.
ان بذل الجهود لرفع وتحسين إنتاجية مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني وبمختلف الوسائل, والدخول في تحالفات وتكتلات اقتصادية إقليمية, مبينة على المصالح الاقتصادية الندية, حتما سيساعد في تخفيف الاعتماد على المساعدات وسيقلل من تأثير المساعدات, بعد أخذ جميع العوامل المذكورة أعلاه, على صناعة القرار السياسي الاردني المحلي والاجنبي. حمى الله الاردن وشعبه وقيادته!!.