لدى فئة تملك شيئاً من كل شيء: الأردني إمّا حارساً أو مُستهلِكاً ؟!
لدى فئة تملك شيئاً من كل شيء: الأردني إمّا حارساً أو مُستهلِكاً ؟!
لا شكّ أنّ (الباشا) سميح بينو قد شعر بالصّدمة أكثر من مرّة عندما قرأ وتأمل الأوراق الرّسميّة التي تصله تباعاً في قضايا الفساد، وما تضمّه من أسماءٍ على درجة عالية من الخطورة، وخطورتها تكمن (أخاف الله) في أنّ أغلب هذه الأسماء: من الذين تقوم عليهم الدّولة تقريباً، خليط من رجال (بزنس) ورجال دوله، وأغلبهم من الأصهار والأنسباء والأقارب، ومعهم القليل من المعارف والآخرين.
وفي اعتقادي...؛ ما سيُثير لدى (الباشا) وافر من الأسئلة وفيض من علامات التّعجب هو أنّ هذه القوائم هي عبارة عن تسلسلٍ من المساهمين والمكتتبين في شركة عقارات كبرى، ويملكون فيها كمّ وحجم هائل من الأموال لا يُعرف لغاية اللحظة مصدرها، أو من أين لهم ذلك، أو كيف جلبوها...، ومما يزيد الطّين بِلّه؛ أنّه علاوة على أنّ هذه الأسماء تملك أسهماً وحصصاً بعشرات وبعضهم بمئات الملايين، فإنّهم كذلك شركاء ولهم ملكيّات شركات أخرى في مجالات ونواحي غير عقاريّة...، ولن أبالغ إن قلت بأنّهم يملكون شيئاً من كل شيء في الأردن... .
يا (باشا) يا (باشانا)؛ جميعنا يعلم أنّها قائمة أسماءٍ مذهلة وصادمة، كيف لا وأنا أعتقد وأكاد أجزم بأنّ هناك جهات وعدد من رجالات الدّولة وبخاصة المحترمين منهم؛ لا يعرفون أنّ هذه الأسماء من مالكي وأصحاب هذه الشّركة، وما سيذهلهم ويصدمهم أكثر، هو وجود هذه الأسماء معاً في شركة واحدة... .
عطوفة سميح بينو؛ دعني أخفف عنك بعض صدمتك، وأبدّد عنك شيئاً من كآبتك التي لا بد أنّك عشتها أثناء مطالعتك الأسماء، واستمرّت بعد الانتهاء منها، فالقضيّة سهلة جدّاً ولكن لنتفق أوّلاً على أنّ هذه القائمة وبدون أدنى شك؛ تؤكد وتثبت لنا جميعاً بأنّ رأس المال قد سيطر ولا يزال يسيطر على سياسة الدّولة...، وسأقول لكَ ببساطة متناهية كيف... (إسألني كيف)... .
(أوكيه)...، هناك مجموعة من رجال الأعمال قد تمّ دعمها إلى أن ربت وترعرعت، وشاركها بعض رموز الدّولة في ملكيّة مجموعاتهم الاقتصاديّة من خلال أبنائهم أو أصهارهم مقابل منحهم حصانات سياسية بعد دعمهم وإيصالهم إلى القرار السّياسي كوزراء ومتنفّذين في مؤسسات الدولة الحسّاسة (المال مقابل المنصب والحماية)، أي أنّ مجموعة من رجال الأعمال يملكون الملايين أو المليارات، ولا تتجاوز نسبتهم الواحد في الألف من الأردنيين؛ يملكون التّسعين في المائة من ثروة البلد الكاملة، وهذه المجموعة أخذت تموّل رجالات الدّولة المتّفقين معهم عن طريق التّبرع تحت مسمّيات كثيرة خيريّة واجتماعيّة، وخدمات سياسيّة عاجلة، بالإضافة إلى الأرباح المباشرة كنتيجة للتشارك مع رجال الأعمال في مشروعاتهم المالية... .
وفي مراحل متقدّمة...، لم يكتفِ رجال الأعمال بإسناد بعض الوزارات لهم؛ بل تمادوا لدرجة أنّهم أصبحوا هم يختارون ويضعون أيديهم على وزارات تخدم أعمالهم وتجارتهم وحسب ما تقتضيه شركاتهم ومشروعاتهم، وهنا هو التّحوّل الخطير و الأخطر ؛ فاندمجت وتزاوجت الحصانة السّياسيّة مع الحصانة الماليّة، فأعلن المال انقلابه بصمت على القرار السّياسي، فأضحى الأردنّ بذلك عبارة عن شركة كُبرى مساهمة محدودة، وتعود ملكيّتها للعائلات الماليّة الحاكمة (امتلاك القرار)، ويرأسها رئيس مجلس إدارة، وأضحى المواطن الأردني يقتتل ويتصارع عليها لعلّه يكون فيها على أعلى تقدير إمّا حارساً أو مستهلكاً... .
(وهاي كل السّالفه يا باشا، ولا تنصدم ولا تكتئب ولا عَ بالك...فالإنسان بني آدم...وإذا توفّاه اللهُ مات...، وبعدين أول سبعين سنه هنّ الصّعبات في عمر الأردني ولّا بعدهن كلّه هيّن...والّلي يحب الله مصافحه...مصافحه يا خوان...مصافحه)...!!!