دور إنمائي للبنك المركزي ولكن ليس هكذا
المفروض ان يكون الدور الإنمائي للبنوك المركزية من خلال سيطرتها على الجهاز المصرفي، والتأثير على سلوكه بالحوافز والأوامر، لتوجيه المزيد من الموارد لأغراض التنمية ودفع النمو الاقتصادي، خاصة وأن الجهاز المصرفي يملك عشرات المليارات من الدنانير.
لكن هذا لا يعني ان يقوم البنك المركزي بنفسه بتقديم القروض طويلة الأجل لهذه الجهة أو تلك مجاناً أو بسعر فائدة رمزي، لأن معنى ذلك إعفاء البنوك من هذه المهمة اكتفاء بتمرير أموال البنك المركـزي إلى المشاريع المطلوب تشجيعها، وتشغيل المطبعة لإصدار المزيد من النقود فوق الزيادة الكبيرة المحققة أصلاً في عرض النقد، والتي تتجاوز معدل النمو الاقتصادي، وبالتالي فإن موجة تضخم عاتية قد تكون بانتظارنا.
البنك المركزي لن يطلب من البنوك استخدام جانب من مواردها لأغراض التنمية، بل يراد له أن يستخدم البنوك كوسيط بينه وبين الفعاليات الاقتصادية، فيعطيها المال بسعر 1% لكي تقدمه لمشاريع المحافظات بسعر 4%، وليس معروفاً من يتحمل مخاطر هذه القروض.
هذا السلوك يمثل خروجاً على نظام السوق الحر، وتفاعل العرض والطلب كأداة لتخصيص الموارد المتاحة لأفضل الاستخدامات، والأهم من ذلك أنه يعتمد الأسلوب السهل، وهو إصدار المزيد من الدنانير لتضاف إلى النقد المتداول، مما يعتبر تشغيلاً للمطبعة أو رشاً للمال وشراء الوقت.
النقد المتداول في دفاتر البنك المركزي ليس كنزاً مفتوحاً يمكن الدفع منه بغير حدود علماً بأن هذه الإصدارات تمثل في الواقع ضريبة على جميع المواطنين الذين يملكون دنانيراً في جيوبهم أو في بنوكهم، فالبنك المركزي يأخذ في هذه الحالة من الجميع ليعطي البنوك أموالاً رخيصة، يعاد تدويرها في السوق.
أصبح مطلوباً من البنك المركزي أن يوفر مئات الملايين من الدنانير لتمويل الصندوق الأردني للريادة، برنامج ضمان القروض، إعادة تمويل البنوك لإقراض المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ضمان ائتمان الصادرات، برنامج التمويل الصناعي والخدمات، تمويل مؤسسات الإقراض الصغيرة إلى آخره، الأمر الذي يتطلب تشغيل مطبعة النقود وقتاً إضافياً. ماذا عن الاستقرار النقدي؟.