«الإخوان المسلمون» تبديل الوسائل بتبدل الغايات
هذا الانقلاب في المفهوم والأدوار, ترتب عليه انقلاب في الأخلاق, وانقلاب في الوسائل, فعندما كانت الغاية نبيلة هي نشر دعوة الله وأخلاقها ومُثلها,و كانت الوسائل نظيفة حددها كتاب الله,ففي كتاب الله قوله تعالى «أدعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم» وفي كتاب الله أيضا « ولو كنت فظاً غليظ القلب لاتنفضوا من حولك» وفي كتاب الله «ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان», وفي كتاب الله «ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه».
هذه هي المفاهيم والأخلاقيات التي حكمت الآباء الأوائل من الإخوان المسلمين في الأردن, فكل من عرف عبد اللطيف أبو قورة وإخوانه من المؤسسين, يعلم علم اليقين اية خيرية كانت تحكمهم, وتتحكم في سلوكهم وتجعلهم يضحون بالمال والجهد والوقت في سبيل نشر القيم الأخلاقية النبيلة, ولم يكن الواحد منهم يتطع إلى شيء من متاع الدنيا, لذلك كان هم الواحد منهم أن يسعى جاهداً للتحلي بأخلاق الداعية كما هي في كتاب الهي وأولها عفة اللسان وحسن الظن, ولم يسجل على واحد منهم شبهة أخلاقية, فأين صار هذا كله من سلوك الذين يزعمون اليوم أنهم يحملون دعوة الله إلى الناس؟
لقد صارت الشتائم سلاحهم, والتخوين دينهم واللوك في أعراض الناس وسيرهم شغلهم الشاغل, ليس مع عموم الناس فحسب بل مع من كان أخاً لهم في التنظيم, وشريكاً لهم في الطريق, حتى إذا اختلف معهم في الرأي صار «أبو رغال» و»ابن العلقمي» وصار « مخبراً» وأكثر من ذلك طُعِن في أخلاقه طعونا يعف اللسان عن ذكرها، وهي تهم أن صحت فإنها تؤشر إلى خلل كبير في منهج التربية, وهشاشة أكبر في البنية التنظيمية للجماعة, التي صارت فيما نرى جماعة طاردة لكثرة التاركين لصفها, المفارقين لمسيرتها, بعد أن صارت الغلظة وعبوس الوجه, عنوانا للكثيرين من المحسوبين على صفها الأول, وهما صفتان مغايرتان لأخلاق الدعاة وصفاتهم, فلم يُر رسول الله عليه السلام إلامبتسماً, وهو الذي وصفه ربه بأنه اللين العطوف على الناس, ألا يدل هذا كله على انقلاب في الأخلاق كان لابد أن يصحبه انقلاباً في الوسائل, وهو ما يلحظه كل من يراقب أداء الجماعة التي صار الكثيرون من المتصدرين لصفهم يؤمنون بأن الغاية تبرر الوسيلة, من هنا فلابأس ولا ضير من الدخول إلى خمارة على أمل الحصول على صوت صاحبها وروادها من السكارى في الانتخابات القادمة, كما حدث أثناء الحملة الانتخابية الحالية, أليس هذا مما نهى عنه رب العزة من خلط الطيب بالخبيث,ومما نهى عنه رسوله عندما حذر من مواطن الشبهات؟ أم أن الانتخابات تحل المحرمات وتجيز للإخوان مالا يجيزونه هم لغيرهم؟
غير الدخول للخمارات بحثاً عن صوت انتخابي, فقد نشرت وسائل الإعلام أن في قوائم الإخوان الانتخابية من يسهل بيع الأراضي والعقارات للعدو الإسرائيلي في فلسطين المحتلة؟ فهل يستحق الصوت الانتخابي التغاضي عن هذا الفعل الشائن, وعدم الإكتراث من الاقتراب إلى مواطن الشبهات التي حذرنا منها رسول الله عليه السلام؟
وفي وسائل الإعلام أيضا ان في القوائم الانتخابية للإخوان من يخالفهم الرأي كلياً في الكثير من القضايا الجوهرية, وأولها الموقف من سوريا وما يجري فيها, فعلى أي شيء يتحالف الإخوان, وأين هي المعايير الأخلاقية التي تحكم تحالفاتهم وتحركاتهم؟ إذا كان الدخول إلى الخمارة صار مباحاً على أمل الحصول على صوت انتخابي؟ وإذا صار مباحاً التحالف مع من يسهل بيع العقارات للإسرائيلي المحتل؟ أليس كل هذا تبدلا في الوسائل نتج عن تبدل في الأدوار؟ فعندما كان الدعاة هم الذين يحملون الدعوة إلى الناس, كانوا يتحرون الوسائل التي تتطابق مع المنهج الرباني في الدعوة, وهي بالتأكيد وسائل نظيفة. أما عندما صارت الدعوة مجرد مطية للوصول إلى مغنم دنيوي ولتحقيق هوى للأشخاص لم تعد نظافة الوسيلة مهمة, حتى لو كان ذلك دخولاً إلى خمارة أو انقلابا على حليف والأيام بيننا وأن غداً لناظره قريب.