«هَرْجُ » العيد!
نتيجة للزيارات المتبادلة بين الأقارب والأصدقاء والزملاء والجيران في أيام العيد المبارك, وكالعادة فانه يجري تبادل للحديث أثناء هذه الجلسات, وحقيقة الأمر أن لكل عيد مواضيعه الخاصة به, وتعتمد هذه المواضيع على ما يسمى بأحداث الساعة سواء كانت محلية ام خارجية, ..أتوقع أن تأخذ المواضيع الآتية الأولوية في هَرْجُ العيد عند البعض (الحج, الانتخابات, التربية والتعليم,..), ثم نجد أحيانا أن كل الحضور في الجلسة خبراء في مثل هذه المواضيع وغيرها, ونجد من هؤلاء الحضور في الجلسة فتاوى حول هذه المواضيع وربما تُخّرج هذه الفتاوى على حساب إحدى المذاهب الأربع وللأسف الشديد.
المنطق يقول: أن الإنسان المختص أو صاحب الاختصاص هو الذي يجب أن يتحدث أن رغب حول المواضيع المطروحة أن طلب منه ذلك, والأصل من البقية الجالسين الاستماع,..وفي هذا المقام لكم أن تتخيلوا أو تتصورا يا سادة يا كرام المشهد الآتي: في احد الأعياد المباركة وقبل عدة سنوات مضت, فُتح في الجلسة موضوع (شرايين القلب وأوردته) وكنت احد الحضور, فأخذ الكثير من الحضور الحديث عن أدق تفاصيل شرايين القلب وأوردته, حتى أنهم اشبعوا الموضوع ضربا,..وصدفة كان احد الحضور طبيبا مختصا بــــ(القلب) ولا أريد ذكر اسمه خوفا من مبدأ الدعاية والإعلام له علما انه (ما شاء الله) لا يحتاج إلى دعاية وإعلام, ..طُلب من هذا الطبيب الحديث عن شرايين القلب وأوردته, فبدأ حديثه قائلا: للأسف الشديد كل الذين تحدثوا عن الموضوع كان حديثهم مغلوط وغير صحيح والصحيح هو كذا.., وكذا.
(من قال لا أعلم أو لا أدري فقد أفتى) مقولة غريبة ومحاولات تفسيرها اغرب, لكن مضمونها يصب بموضوعنا الحالي (هَرْجُ العيد..), وهو انه إذا كان شخص بمجلس ما وطرح موضع عليه أو على غيره وليس لديه علم أو معلومات كاملة وصحيحة حول الموضوع فعليه عدم التحدث به والاعتذار عن الخوض به, ولا ننكر أن هناك أشخاص لديهم ثقافة عامة حول بعض المواضيع ويستطيعوا الخوض مع الخائضين, لكن يجب ان تبقى الأمور ضمن إطار وحدود معينه وتبقى في خانة العموميات,..وهنا نقول أيضا يبقى المثل القائل (أعطي الخبز لخبازه ولو حرق نصه) يبقى قائما وصحيحا حتى يوم الدين.
أخيرا علينا أن نتحدث بعلم ويقين, وعلينا عدم تزوير الحقائق ولفلفة المواضيع, وعلينا إنصاف الآخرين وإحقاق الحق, وعلينا تقبل واحترام الرأي والرأي الأخر, وعلينا عدم إصدار الإحكام والتعاميم جزافا, ثم علينا امتلاك المعلومة الصحيحة والحديثة والدقيقة والكاملة, قبل التحدث بها, وإلا سمي ذلك هرجا لا طعم فيه ولا لون له ولا رائحة, هرجا يضيع الوقت ويهدره, مثل هذا الهرج حتى يقال أن أبو فلان مكتشف مدار الالكترونات في النواة كان ماسك الجلسة,..مع هذا وذاك الله يكون بالعون و(كل عام وانتم بخير).