على الرئيس أن يكون كل شيء لكل الناس



لم بعد الرأي العام الأردني يحمـّل رئيس الحكومة مسؤولية عدم سقوط الأمطار في فصل الشتاء كما كان يفعل قبل نصف قرن.


لكن الرأي العام الأردني ما زال يضع الحكومة في موقع الأب الجبار، القادر على كل شيء ، ورب العائلة المسؤول عن عائلتـه، أو الراعي المسـؤول عن رعيته، وهو يطالب الحكومة بتحقيق المعجزات مثل منع الأسعار من الارتفاع والقضاء على الفقر والبطالة.

مطلوب من الحكومة أن تقـدم المزيد من الخـدمات العامة، وأن تلبي المزيد من المبادرات المكلفة، وأن ترفـع دخول العاملين والمواطنين، وفي الوقت نفسـه أن تخفض النفقات العامة، وتقلـص العجز في الموازنة، ولا تسـمح للمديونية بالارتفاع.

المشكلة أن الحكومة تحاول فعلاً أن تكون كل هذا، وهي لا تتردد في التعهد به، ومع ذلك فإن أحد استطلاعات الرأي يقول إن غالبية المواطنين الأردنيين لا يثقون بحكومتهم، وغالبية أكبر من المواطنين لا يثقون ببرلمانهم. الرأي العام الأردني يثق بالجيش أولاً والأمن العام ثانياً.

رئيس الحكومة الأردنية يجب أن يكون سـوبر مان، يجترح المعجزات، وأن يكون في الوقت ذاته يمينياً ليرضي المعتدلين ويسـارياً ليرضي المتطرفين، وأن يدعم المنتـج والمستهلك، وأن ينحاز إلى الفقراء والمستثمرين، وأن يراعي مصالح المالكين والمستأجرين، وأن يتوسع في الإعفاءات ويزيد الإيرادات، باختصار أن يمتلك عصا سحرية، ويحقق المتناقضات، وأن يكون كل شيء لكل الناس في كل الأوقات.

بالرغم من صعـوبة هذا الموقع، فإن العشـرات يسعون إليه، ومئات على اسـتعداد لقبوله إذا فوجئوا بالتكليف، وآلاف يزحفـون لتهنئة الرئيس الجديد الذي سيحقق المعجزات ويقـدم بياناً وزارياً لا يختلف كثيـراً عن بيانات من سـبقوه، باعتبار أن النية متوفـرة، ولكن الإمكانيات محدودة، فاليد قصيرة والعين بصـيرة، أما المطالب الشـعبية التي تهبط على الرئيس كالمطر فالجواب عليها جاهـز وهو الوعد بتحقيق الممكـن منها!.

إذا لم يكن هـذا كافياً فإن الرئيس والحكومة هما الجهة الوحيدة التي لا تتمتع بالحصـانة، ويستطيع من هب ودب أن ينتقـدها بالحق أو بالباطل، وهو آمن.