«طوروا» ما شئتم من مناهج!
من نماذج التطوير الذي حدث على منهاج اللغة العربية للصف الثالث، كما وردني من بعض الأصدقاء :
صفحة 5 تم استبدال صورة المعلمة المحجبة بمعلمة لا تلبس حجابا ... صفحة 20 المحفوظات آية من القرآن تم حذفها ...صفحة 32 الدرس سورة الليل تم استبداله بدرس السباحة ...صفحة 40 المحفوظات حديث شريف تم حذفه ....صفحة 60 استبدال الحديث بأنشودة إشارة المرور ....صفحة 81 درس العدد في القرآن تم استبداله بدرس الحمامة الصغيرة... ومن التغيير الذي حصل أيضا في كتاب اللغة العربية للصف الرابع، حذفوا الآيات جميعها واستبدلوها بدرس عن ثقافة الغرب، وفي كتاب الصف السابع لغة عربية بداية بسيطة بآيات كريمة عن الإنفاق كأنها تذكر على استحياء... الأسئلة حولها سطحية جدا... ثم لا ذكر بعدها لأي قيمة مرتبطة بالإسلام.. وإن ذكرت اي قيمة فمن باب « الأخلاق « ثم لا يتم الاستشهاد بأي آية كريمة أو حديث شريف نهائيا! ومن التطوير أيضا، حذف درس القرآن الكريم من كتاب اللغة العربية، حذف درس الأحاديث النبوية، حذف النشاط الذي يذكر به الصحابة.. حذف بعض العبارات مثل حفظ ابن بطوطة القرآن الكريم صغيرا!
الحقيقة هذه عينة مما وردني، ولم أطلع عليه شخصيا، ومن باب الحرص على صدق الحديث، والالتزام بالمنهج العلمي، فقد يعتري ما أوردته من نصوص بعض الابتسار والاختصار، وربما لي عنق الرواية، وربما ثمة إضافات على جانب كبير من الأهمية، ومع هذا لا تخطئ العين أن ثمة استهدافا لنوع ما من الحضور في المناهج، وهو اللون الإيماني الديني، ولا أخفيكم أنني حينما قرأت ما وردني ضحكت من الذهنية التي حكمت المطورين، فإن كان هدفهم استئصال ما يسمونه «الروح الداعشية» من وجدان الطلاب، فما هكذا تورد الإبل، وإن كان هدفهم تغريب النشء وحرف اهتمامه عن دينه، فهم في واد والعلم في واد آخر، على كلا الطرفين، من يتبنى «التطوير!» ومن يناهضه تذكر هذه الوقائع، و»بلاش يشدوا على حالهم كثيرا» كما يُقال..
أولا/ هوية الأمة الحضارية والثقافية لا ينزعها لا تطوير ولا تدمير مهما اشتد بأسه، فهي جزء من الجينات التي تسكن وجداننا، ولو اقتصر الأمر على سماع الأذان خمس مرات في اليوم، لتذكر الكبير قبل الصغير، ما معنى إسلام وما مكانته في القلوب، إلا إذا امتد سلطان التطوير إلى منع الأذان، كما فعلت الاتاتوركية العلمانية ، التي أصبحت فلكلورا شعبيا، بعد أن جاء من أعاد الأذان بالعربية، وأعاد للأمة التركية كثيرا من ملامح هويتها الحضارية!
ثانيا/ من قال إن لمناهجنا ذلك التأثير المركزي على صناعة عقولنا ووجداننا، سواء كانت مليئة بالآيات والأحاديث النبوية أو خالية منها؟ ألا يعلم أولئك الذين يشدون على حالهم كثيرا أن الولد فور أن يؤدي الامتحان يرمي بالكتاب في سلة المهملات؟ ألم يشاهد هؤلاء وأولئك مثل هذا المشهد؟ لنعترف بصراحة أن مناهجنا في مجملها لا تشكل إلا نزرا يسيرا من مكونات وعينا، خاصة حين يتعلق الأمر بتزوير التاريخ، من يصدق بالله عليكم تلك المناهج، مهما وضعوا فيها؟ الأمر هنا غير متعلق ببلد محدد، بل في كل بلادنا العربية، حيث المعتمد فيما يسمونه التربية الوطنية رواية رسمية محضة، تغفل الوجه الآخر من الصورة، فهل منع هذا قيام المعارضات، أو التقليل من الغضب على الأخطاء التي ترتكبها الجهات الرسمية في بلاد العرب، فليضعوا ما يضعوا في مناهجهم، وللناس منهاج آخر، يتبنونه ويؤمنون به!
ثالثا، وأخيرا، الدين ليس في السطور، بل في الصدور، فهو ليس ثقافة عامة، بقدر ما هو منهج حياة، ومن يريد دينه يبحث عنه، مؤكد ليس في كتب المدارس!