ملك الاردن يباري الريح
ملك يباري الريح
بدعوة كريمة من قيادة حزب الشباب الوطني الاردني د. محمد العكش - الامين العام للحزب... نلت أول امس شرف عرافة الحفل المهيب ، الذي أقامة الحزب ، بنادي ابو نصير الرياضي الثقافي ، بالعاصمة الاردنية عمان ، احتفاء بمئوية الثورة العربية الكبرى ، بحضور لفيف من المواطنين والمسؤولين ، ولفت انتباهي حضور مكثف لعدد من استاذة الجامعات ، ممن يتعاطفوا مع ابجديات الحزب الناهض ، وامينه العام الشاب الوطني .
من يطيقك وانت تباري الريح ؟ بهذه العبارة اعتذر العباس ، عم رسول الله ( ص ) ، عن خلافته ، حينما طلب منه النبي ، ذاك الامر الجلل وهو يحتضر ، فقال له :- أما أني سأعطيها من يأخذ بحقها ، فقال لعلي – كرم الله وجهه – أتأخذ تراث محمد وتنجز عداته وتقضي دينه ، فأجابة رضي الله عنه بالقبول .
فصاح النبي يا بلال :- علي بالمغفر والدرع والراية والقميص ، وذو الفقار والسحاب والبرد ، والأبرقة والقضيب ، ثم دعا بزوجي نعال عربيين ، احدهما مخصوف والاخر غير مخصوف ، والقميصين ، القميص الذي اسري به فيه ، والقميص الذي خرج فيه يوم احد ، والقلانس الثلاث : قلنسوة السفر ، وقلنسوة العيدين والجمع ، وقلنسوة كان يلبسها ويقعد مع اصحابه .
ثم قال :- يا بلال علي بالبغلتين الشهباء والدلدل ، والناقتين العضباء والقصواء ، والفرسين الجناح وحيزوم ( أقدم حيزوم ) والحمار عفير، فقال لعلي رضي الله عنه :- أقبضها بحياتي وتختم بخاتمي .
وأول شئ توفي من الدواب الحمار عفير، توفي ساعة قبض رسول الله (ص) ، حيث قطع خطامه ، ثم مر يركض ، حتى اتى بئر بني خطمة بقبا، فرمى نفسه بها فكانت قبره ، وروي ان ذلك الحمار كلم رسول الله ( ص) فقال :- بأبي انت وامي ، ان ابي حدثني عن ابيه عن جده ، انه كان مع نوح في السفينة ، فقام اليه نوح فمسح على كفله ثم قال :- يخرج من صلب هذا الحمار ، حمار يركبه سيد النبيين وخاتمهم ، فالحمدلله الذي جعلني ذلك الحمار .
بداية انا أرفض الانخراط في النشاطات الحزبية مهما كانت ، سواء عريف حفل وأما بالانتساب او العضوية ، وهذه وجهة نظر شخصية ارجو تقبلها من القارئ الكريم ، مع رفضي لفرض قناعاتي الخاصة عليه ، فنحن نعيش في بلد يقبل بالتعددية الحزبية ، ويحترم الرأي والرأي الاخر، وذلك لأيماني العميق ، بأنني من حزب الملك الذي يباري الريح - بخدمة قضايا الامة وعلى رأسها القضية الفلسطينية - وكوني أحد ضباط الصف المتقاعدين العسكريين من الجيش العربي الاردني ، الذي يترفع افراده عن ممارسة السياسة صونا لحق الجندية اولا ، وثانيا ولأنني جزء من الأغلبية الصامتة في هذا الوطن ، ممن لا يلقوا بالا لترف العمل الحزبي ، وهمهم الاول والاخير الجري خلف لقمة العيش .
ولكن جلال المناسبة العظيمة ، دغدغ عواطفي الوطنية والدينية ، ودعاني على مضض لتلبية الدعوة الكريمة ، والانخراط بطقوس الاحتفال المهيب ، وفاء لمن مضوا من قادة وابطال ، وشهداء الثورة العربية الكبرى المقدسة ، التي تشكل الوعاء الفكري الايدولوجي لمبادئي الوطنية والقومية والدينية التي تعود بجذورها وأرومتها لذاك النبي العربي الكريم .
بعد فقرة السلام الملكي ، وايات من الذكر الحكيم تلاها فضيلة الشيخ راتب العقايلة ، جزاه الله خيرا ، شرعت بترتيب الفقرات الاحتفالية لكلمات المشاركين تباعا ، ومنها الكلمة الرائعة لحزب الشباب الوطني الاردني د. محمد العكش - الامين العام للحزب...
كانت مداخلاتي القصيرة ، عبارة عن قصف مدفعي مؤثر ، عن فقه الثورة العربية الكبرى وشرعنتها ، وحق الخلافة لقائدها العظيم الشريف الحسين بن علي طيب الله ثراه ، وأرتباطها الوثيق بعهد الفتوحات النبوية المصطفوية ، وهو ما اثار دهشة بدت على وجه بعض الحضور الكرام ، ممن تبدو عليهم سمات الثقافة الحزبية ، ممن درسوا العلوم السياسية الحديثة التي تمجد أرث ماركس ولينين والليبرالية المتوحشة ، ونسختها الاسلاموية الفضة عبر الاسلام الامريكي ، وكأنني عريف حفل يخطب بلسان حال محي الدين الخطيب ، رئيس تحرير جريدة القبلة الصادرة بمكة المكرمة قبل 100 عام .
طبعا كنت استمتع باللحظة المدهشة ، من خلال أسقاطاتي التاريخية على واقع معركة الانتخابات الحالية بالاردن ، وشرعنتي لمحاور النهضة العربية الكبرى ، أمام جمهور نخبوي مثقف يضم أستاذة جامعات ، وانا مجرد صحافي غر ، وضابط صف سابق في الجيش العربي ، أو بمعنى أدق وكيل قوة بكتيبة ، يقوم بتقريع أفراده بملاحظات ومفردات حازمة حول أهمية الضبط والربط العسكري، وأقوم بعملية تأنيب جمعي لضمائر الأمة جمعاء حول تغاضيها وأهمالها ومحاربتها لمشروع النهضة ، وكنت أركز عباراتي ونظراتي الثاقبة ، تجاه من ألمس معارضته لمشروعي الفكري الصادم ، وكأنه جندي مهمل بنوبة الحراسة ليلة أمس .
خلال فوضى وفيض شعارات الانتخابات البرلمانية الاردنية الحالية ، أتذكر مشهد تسليم عتاك العصر نوري المالكي للسلطة - بعد ان خربها وجلس على تلها – بالعراق الشقيق ، وكان قد تسلمها من الشهيد صدام حسين 18 محافظة وسلمها لسلفه العبادي 10 محافظات ، وهو بدوره سيسلم البيشمركة ، والحشد الشعبي الصفوي ، باقي ما تبقى من محافظات كانت عراقية سابقا فأضحت ايرانية كردية بأمتياز ، وهي تجربة مرة مريرة تجرعها القطر الشقيق منذ عام 2003 بحرب أهلية ضروس لا تبقي ولا تذر .
يحاول بعض المرشحين الحزبيين الدمويين- وهم بالمناسبة الخيار المفضل للسفيرة الامريكية بالاردن - أسقاطها علينا بغزوتهم لصناديق الانتخابات الاردنية ، ويبدو ان الدرس القاسي بالقطر الشقيق ، وكوارث الربيع العربي المتوالية للان ، والحرب الاهلية السورية الكارثية وحرب ليبيا واليمن وسيناء ، لا تلقى أهمية لدى الناخب الاردني الكريم – وهو صاحب القرار لا سعادة السفيرة الشريرة - في استخلاصه للنتائج والعبر والدروس المستفادة من هذه الفاجعة القومية المستمرة .
لم أستطع مقاومة سيل العبارات النارية ، التي كنت أقذفها كالبراكين ، صوب مشروع التدليس القومي الايدولوجي ، منذ 100 عام ضد مشروع الثورة العربية الكبرى ، ولكنني بنفس الوقت كنت أراعي مشاعر صديقي ، راعي الحفل الدكتور محمد العكش ، كونه يلتمس مني بنظراته الهادئة تهدئة اللعب ، مع هذا الجمهور النخبوي الواعي المثقف .
فأحاول ضبط عبارتي بدبلوماسية عسكري سابق ، والتي تخلو من اللباقة الحزبية ، والحشو الفكري لمشاريع فرض الارهاب والكباب ، التي يجيدها مذيعوا قنوات البترودولار والغاز المسال، فتتوالى نظرات الدهشة ، مستغربة كثير مما أدعو وأدعي وأقول ، حول شرعنة مفهوم الثورة الهاشمية المجيدة ، بوجه يهود الدونمة ووارثهم السلطان الجديد بتركيا، وتركيزي ونضالي منذ عشر سنوات بالعمل الاعلامي ، على الولاية والولاء التام لشخص الملك المعظم، الذي يباري الريح ، فنحن لن نكون حريم السلطان كما يراد لنا من خلال هذه الهمهمة بليلة مظلمة من خلال عرابوا المشاريع الارهابية وغزوتهم الحالية لصناديق الانتخابات ، البرلمانية الاردنية المتشحة بلبوس الدين بليلنا القومي المظلم .
وفي الختام لابد من توجيه الشكر الجزيل للدعوة الكريمة من قيادة حزب الشباب الوطني الاردني د. محمد العكش - الامين العام للحزب... وادعو الملك عبدالله الثاني بن الحسين الذي يباري الريح سؤال جده العظيم (ص) أتأخذ تراث محمد وتنجز عداته وتقضي دينه ؟ وهو- سؤال العارف - بأنه حتما فاعل وهو خير خلف لخير سلف في خير أمة أخرجت للناس والله المستعان .
اللهم لا تجعلها صرخة في واد ولا نفخة في رماد وكل عام وانتم بالف خير .