طريق الملياردير المتشرد
حكاية المليادير الهندي المتشرد، تدور حول رجل الأعمال "ميترا"، والذي تحول خلال سنوات قليلة، من متشرد في مدينة دلهي، إلى رجل أعمال "لندني" يمتلك ثروة تفوق المليار ونصف المليار دولار.
هي ليست حكاية فريدة من نوعها؛ فهناك كثيرون من الذين انتبهوا قبل غيرهم إلى التغيرات الثورية في مجالات تقدّم فرصا اقتصادية جديدة، خصوصا في مجال المعلومات والاتصالات. إذ لا يحتاج الإنسان، بالضرورة، هنا إلى رأس مال، وقنوات تجارية، بقدر حاجته إلى روح المغامرة والإصرار، وقبل ذلك عيون مفتوحة وخيال واقعي. فحققوا ثروات كبيرة أو طائلة، وربما خيالية.
ينصرف الذهن هنا إلى أسماء أخرى أصبحت عالمية، مثل مؤسس شركة "فيسبوك" الشاب مارك زوكربيرغ، ومؤسس شركة "أبل" الراحل ستيف جوبز، ومؤسس موقع "علي بابا" للتجارة الإلكترونية "جاك ما". وغيرهم كثيرون من الذين انتبهوا مبكرا إلى التحولات الكبرى في التقنيات والأعمال في دول الفرص والأحلام، حيث تجد الفكرة الجيدة من يموّلها ومن يسجّلها ليحميها. هذا بالإضافة إلى السوق القريبة الكبيرة، وغير ذلك من العوامل التي تسرّع إنجاح الأفكار والمشاريع قبل أن يقدمها آخرون في أماكن أخرى من العالم. وأصبح هؤلاء أمثلة وحكايات نقرأها ونشاهدها على الشاشات الذهبية والفضية. هناك أيضا نجاحات مهمة ذات بعد محلي، حققت لأصحابها دخولا جيدة، ورفعت من مراتبهم اقتصاديا واجتماعيا. من ذلك ما نشرته "الغد" في 9 آب (أغسطس) الماضي، نقلا عن محطة "العربية"، بعنوان "السنابيون السعوديون يجنون ربع مليون شهريا من الإعلانات"، في إشارة إلى نجوم وسيلة التواصل الاجتماعي "سناب شات" واسعة الانتشار في السعودية. إذ يعمل هؤلاء كأفراد من دون وجود مؤسسة أو شركة خلفهم، فلا يتطلب الأمر منهم أكثر من نشر مقطع فيديو يرسله المعلن لهم، ليضعوه بدورهم أمام متابعيهم ويجنوا مالا وفيرا وسهلا، ربما فاق مداخيل كثير من مؤسسات الدعاية التقليدية.
ثمة أيضا من يقوم بالشيء ذاته في الأردن. ورغم أنني لم اطّلع على تقارير وأرقام حول ذلك، فإنه من المعلوم لمتابعي وسائل التواصل الحديثة، أن هناك زبائن معلنين من خلال مشاهير هذه الوسائل في بلدنا، من نحو "سناب شات" وغيره. هؤلاء النجوم في كثير من الحالات هم مجرد أشخاص عاديين، من أيّ مهنة أو طبقة، تتوفر لديهم من المهارات ما يجذب أعداداً كبيرة من الناس نحوهم، وبما يغري المعلنين للوصول إلى شبكتهم الخاصة.
هذه الفرص تضع أمام الناس، وخصوصا شبابنا المثابر، فرصاً لتحقيق النجاح والحصول على الدخل الجيد، بأقل تكلفة، من خلال توظيف مهاراتهم في المجال الذي يناسبهم، والمنافسة الشريفة في الوقت المناسب، محليا وعالميا، من دون الحاجة إلى المرور عبر المسارات التقليدية، والمعيقات المادية والبيروقراطية وغيرها. كما أن ذلك يتطلب فهماً اجتماعيا من الأسر ومؤسسات التعليم والتدريب، للإصغاء لمثل هذه الأفكار والمبادرات وتقبّلها ودعمها. فالملياردير "ميترا" مثلا، تشرد من مدينته مبكرا لإصرار والده على أن يكون ابنه مهندسا، بخلاف رغبة الفتى العنيد.