الأحزاب اليسارية والقومية والخلافات المستعصية
تؤكد الأحزاب اليسارية والقومية، بأنها ترفع راية التقدم والديمقراطية والمسؤولية، والاكثر دفاعا عن قضايا المواطنين المحلية بكل تفاصيلها وأشكالها. وترى في برامجها، الفكرية والسياسية والاقتصادية وغيرها بدائل عن برامج ما يسمى بـ"اليمين" والمحافظين وغيرهم من القوى والأحزاب التي تخالفهم بالرؤية وبالطرح وبالبرامج.
ولكن، هذه الأحزاب، التي تاريخيا ترفع شعارات تؤكد تبنيها لهموم الوطن والمواطن، والتي تتشابه افكارها وطروحاتها وبرامجها بشكل كبير، بينما نقاط الاختلاف بسيطة وهي بالغالب تتعلق بالتفاصيل، لا تستطيع الاتفاق على قوائم مشتركة لخوض الانتخابات النيابية المقررة في العشرين من الشهر الحالي. علما، أننا قرأنا وسمعنا، تصريحات سابقة، عن توجه لا لبس فيه لديها لخوض الانتخابات بائتلافات فيما بينها، وبقوائم مشتركة، وذلك لتشابه أفكارها وبرامجها وأهدافها، وأيضا حتى تكون فرصها أكبر في الوصول إلى قبة البرلمان.
هذه الأحزاب التي أعتقد أنها تملك الكثير لتقدمه في كافة المجالات، عجزت عن تجاوز بعض مصالحها الضيقة، وفشلت بحل العقبات التي اعترضت محاولاتها لتشكيل القوائم. والعجز والفشل لا علاقة لهما بأسباب موضوعية خارجة عن قدرة وإطار الأحزاب، وإنما لهما علاقة بأسباب داخلية وذاتية، وهي بالمحصلة أسباب متعلقة بمصلحة الحزب الواحد، أو مصلحة أشخاص قياديين فيه، وليس مصلحة الائتلاف الحزبي، أو مصلحة المجموع. وهي أسباب مقدور عليها، ويمكن علاجها، لو حاول كل حزب الخروج من شرنقة المصلحة الذاتية، والأغراض الخاصة، ورغبات البعض. ولكن، هيهات، فهذه الأحزاب القريبة من بعضها بعضا، والتي تشكل فيما بينها ائتلافا، لتنسيق عملها، تصطدم بعقبة المصلحة الذاتية، ولا تستطيع، أو لا ترغب بتخطيها وتجاوزها. فتضيّع على نفسها فرصا جيدة، في الوصول إلى قبة البرلمان، والتأثير هناك بشكل فاعل.
قد يستطيع حزب من هذه الأحزاب، أو اكثر إيصال عدد من المرشحين للنيابة، ولكن العدد بحسب المعطيات لن يكون كبيرا، أو مؤثرا. ولكن لو تمكنت هذه الأحزاب من الاتفاق المدروس في كيفية خوض الانتخابات، ووضع المرشحين المناسبين، بعيدا عن الحصص والمصالح الذاتية، فأعتقد، أنها ستحقق إنجازات تحسب لها، أو على الأقل قد تكون وضعت اللبنة الأساس في التحالفات المستقبلية، وفي كيفية التأثير الفاعل في المجتمع.
هذه الأحزاب في الوقت الحالي، تعاني الكثير، وهناك إحباطات عديدة واجهت عملها، وبإمكانها تجاوزها، فالانتخابات الحالية، قد تكون بداية للتغيير لديها، وبداية للتأثير الفاعل، وبداية لأن يكون لها فعلا دور واضح في الحياة العامة والسياسية. ولكن، للاسف قد يكون الوقت قد فات لمثل هذه التحالفات.