لماذا تتحكم «السراويل» بـالإنتخابـات الغربيـة !
عندما ينشغل الغرب كله، بما فيه الولايات المتحدة، بقضية معيبة فعلاً هي قضية السروال النسائي البحري «البوركيني» ويشغل العالم كله بها ويذهب بعيداً في إعطائها بعداً سياسياًّ وعلى إعتبار أنها ترمز إلى «الإرهاب» والتطرف الإسلامي.. ألا يعني هذا أن هذا الغرب كله بات يعاني من إنحطاط ثقافي ومن عنصرية رخيصة بائسة يلجأ المتبارزون في ميادين الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية إلى إستخدامها لـ»التدليس» على الناخبين وإثارة نزعاتهم البدائية المتأججة لكسب أصواتهم.
أليس عيباً وعاراً وإنحطاطاً سياسياًّ وأخلاقياًّ أنْ لا يجد نيكولا ساركوزي في كل فرنسا العظيمة بتاريخها وبمنطلقات ثورتها الخالدة ملهمة العالم كله وبـ»علمانيتها» شعاراً يخوض تحت رايته معركة الإنتخابات الرئاسية إلا سروال البحر النسائي الـ»بوركيني» ليعلن، وهو يشير بيده إلى «كاليه» على الحدود المائية مع بريطانيا حيث يتكوم اللاجئون العرب والمسلمون ومعظمهم من السوريين، إنَّ أول إنجاز تاريخي سيبادر إليه بمجرد عودته إلى كرسي الرئاسة هو منع إرتداء هذا اللباس وبالقوة الزاجرة إذا لزم الأمر ؟!.
كان على هذا الـ»ساركوزي» أن يتذكر أن فرنسا، التي دخلت الألفية الثالثة منذ نحو ستة عشر عاماً، تعاني من أوجاع كثيرة وأنه على أي رئيس قادم أن يعد ناخبيه وشعبه بمعالجة هذه الأوجاع التي أكثرها إيلاماً أن السياسات الإستعمارية التي مارسها هذا البلد في إفريقيا وآسيا وفي كندا قد أورثت الشعب الفرنسي كل هذه الأزمات والإحتقانات العنصرية التي بدأت بالتفجر في السنوات الأخيرة في هيئة كل هذا الإرهاب الدموي الذي يجب أن تكون الأولوية لمعالجته بالأساليب الناجعة الصحيحة بدل الإنشغال وإشغال الناس بمعركة مفتعلة رخيصة هي سروايل السباحة النسائية!!.
إن المعروف أن فرنسا تتقدم الغرب كله وبما فيه الدول «الإسكندنافية» في إحترام الحريات الفردية وأنه يحق للإنسان وأي إنسان أن يلبس ما يريد وأن يأكل ما يشاء وأن يقول الذي يريد قوله ولكن بدون «الإعتداء» على حقوق الآخرين وبدون تجاوز القوانين السارية وهذا يعني أنه يحق للمرأة في هذا البلد الذي أعطى للعالم كله أهم قيم الإنسانية أن تسبح بثيابها وأن تستخدم «البوركيني» و»البكيني».. ما علاقة ساركوزي بهذا الأمر يا ترى سوى أنه أراد ركوب موجة سخيفة في معركة الإنتخابات الرئاسية؟!.
ثم وإن ما يعطي للمرأة الحق في أن تدخل البحر أو برك السباحة عارية وبدون أي لباس و»ربي كما خلقتني» من المفترض أن يعطي الحق لها في أن تسبح بثيابها.. وبسروالها وبهذا الـ «بوركيني» الذي باتت محاربته من قبل ساركوزي وأمثاله شعار الإنتخابات الرئاسية في فرنسا «العلمانية» وفي دولٍ أوروبية أخرى وأيضاً في الولايات المتحدة هناك عند مغيب الشمس.
حتى في قبرص (اليونانية) التي ثلاثة أرباعها في هذا الشرق الذي تلصق به «جريمة»!! إرتداء بعض نسائه سروال الـ «بوركيني» مسموح للسائحة الغربية «الإسكندنافية» خاصة أن تسبح عارية تماماً وكل هذا مع أنَّ من يراجع كل تراث النحت والرسم في أوروبا.. إيطاليا على وجه الخصوص لا يعثر على أي نحت أو رسم لإمرأة عارية وهذا على عكس الرجل مما يعني أنَّ الجسم النسائي يكون أجمل كثيراً بإخفاء جوانب منه إتفق الذوق البشري سابقاً ولاحقاً وحتى الآن على إخفائها.