الإخوان المسلمون يصلحون خلل قوائمهم الانتخابية
أكثر من ذلك فإن الفتوى اعتبرت وجود هؤلاء بالقائمة من باب الخلل والزلل اللذين يستوجبان الاستغفار, وبالتالي فإن إصلاح هذا الخلل والزلل يكون بعدم انتخاب هؤلاء المترشحين, والاكتفاء بانتخاب القائمة ومن يعبر عن طموحات الإخوان فقط, وهو ما أكدته الفتوى صراحة عندما نصت على « لا إلزام بالأسماء كلها, وأما مسألة أختيار المترشحين فهي اجتهادية محضة».
والسؤال الذي يطرح نفسه أمام هذه الفتوى أنه إذا كان اختيار من سيصوت له الإخوان متروكاً لاجتهاد الأفراد, ولمن يعبر عن طموحات الوطن بمقاييس الإخوان المسلمين, فما هي ضرورة التحالف وقوائمه, اخذين بعين الاعتبار أن تربية الإخوان تقوم على فرضية أن لا أحد يعبر عن طموح الأمة, إلا إذا كان عضواً في الجماعة, باعتبار أن الاخرين هم من أبناء المجتمعات الجاهلية, وفق التربية الضديه للمجتمع التي تُربي جماعة الإخوان المسلمين أفرادها عليها, وهي التربية التي أثارت الجدل في صفوف الإخوان حول قوائم التحالف الوطني للإصلاح التي شكلها الإخوان لخوض الانتخابات النيابية, وهو الجدل الذي أدى إلى صدور هذه الفتوى التي لم تأت من فراغ, ولهذا السبب فإن هذه الفتوى ستأخذ طريقها الى التطبيق العملي, كما هي عادة الإخوان المسلمين في كل تحالفاتهم, عبر تاريخهم الطويل مع التحالفات التي انقلبوا عليها دائما, مثلما سنضرب عليه الكثير من الأمثلة فيما بعد.
قبل ضرب الأمثلة على انقلابات الإخوان المسلمين على تحالفاتهم, لابد من الوقوف عند التصريح, الصحفي الصادر عن مجلس علماء الشريعة في جماعة الإخوان المسلمين, فقد انصب التصريح المشار إليه على نفي صدور الفتوى عن المجلس, علما بأن وسائل الإعلام لم تنسب الفتوى إلى المجلس المذكور, بل نسبتها إلى صاحبها وصفته بالجماعة وبرابطة علماء الأردن, ولم ينف المجلس عضوية صاحب الفتوى فيه, كما ورد في بعض وسائل الإعلام هذه واحدة. أما الثانية فهي أن بيان مجلس علماء الشريعة في الجماعة, لم يفند الفتوى ولم يعارضها, ولم يصدر فتوى مضاده, تدعو الإخوان إلى احترام العهد والميثاق بانتخاب أعضاء قوائم التحالف الوطني للإصلاح دون تميز بينهم, كما تقتضي أخلاق الاسلام التي تحث على احترام العهد والميثاق. إن عدم تفنيد علماء الشريعة لدي الإخوان المسلمين للفتوى محل الحديث يعني ضمناً الموافقة على مضمونها, الذي يدعو إلى انتخاب من يعبر عن الطموح, وكل من يعرف الإخوان المسلمين ويعاشرهم يعرف أنهم لا يرتاحون إلا إلى بعضهم البعض, وأنهم يؤمنون بأنهم وحدهم الذين يعبرون عن طموح الأمة, وأن من هو ليس منهم فهو ضدهم, وفق نظرية سىء الذكر بوش, وهذه واحدة من نتائج تربية الإخوان المسلمين لقواعدهم على جاهلية المجتمع, وهي التربية التي خرجت من عباءتها معظم أن لم يكن كل حركات التطرف, التي تكتوي الامة بنيرانها, من مصر الى العراق الى ليبيا الى سوريا الى افغانستان, والتي بدأنا نلمس بعض ظواهرها ومؤشراتها في الأردن, على شكل استعراضات عسكرية يقوم بها الإخوان أحياناً, وعلى شكل تدريبات عسكرية أحيانا اخرى, وعلى شكل عنف لفظي يمارسه الإخوان في كل الأحيان, وهذه كلها تصب في خطاب الكراهية التي صار خطاب الكثير من الإخوان المسلمين في السنوات الأخيرة مشحونا بها للأسف الشديد, وهو خطاب غير خطاب جيل عبد اللطيف أبو قورة وممدوح كركر ومحمد سعد الدين خليفة وحسن التل وفارس الصرايرة, وممدوح الصرايرة ومحمد علي خضير, وعزت العزيزي وعبد الرزاق طبيشات, وغيرهم من الرجال الذين حملوا الدعوة إلى الناس بالكلمة الطيبة, قبل أن يظلنا زمن مجموعة التنظيم السري ومالها السياسي, الذي فعل فعله في صف الجماعة, فشرذمها شذر مذر, بعد أن كانت مثالاً في التماسك والتراحم بين أعضائها, وبينها وبين غاليبية مكونات المجتمع, ولم يكن يخطر في بال أحد من أبناء الجماعة في بواكيرها الأولى في الأردن, أنه سيأتي على الناس زمن يتبادل فيه الإخوان المسلمون الاتهامات والشتائم المقذعة فيما بينهم عبر وسائل الإعلام, وفي المهرجانات الخطابية, مما صار معه أمراً مقبولاً اتهامهم لغير الإخوان, بأبشع التهم وأقذع الصفات مما لا يتناسب مع أخلاق الأديان السماويه وفي مقدمتها الإسلام,وفي طليعة هذه الأخلاق الوفاءبالعهد والإلتزام به, وهو مالا يفعله الإخوان المسلمون والدليل فتوى « لا إلزام بالاسماء كلها» التي بين يدينا, فلماذا تحالفتم مع أصحاب هذه الأسماء وعاهدتموها,إذا لم يكن في نيتكم الالتزام بها, واعتبار وجودها في قوائمكم خللاً وزلزلاً يستوجبان الاستغفار والاصلاح, بعدم الالتزام بها من خلال عدم التصويت لها.