على من يجد في نفسه الكفاءة..!
لمجلس النواب وظائف منصوص عليها ، ضمن محورين اثنين ، أولهما التشريع من خلال مناقشة ودراسة القوانين التي تحيلها الحكومة إليه ، أو يقترحها عشرة نواب أو أكثر ، وثانيهما مراقبة أعمال السلطة التنفيذية بواسطة أدوات محددة مثل السؤال، والاستجواب ، والاقتراح برغبة ، والتحقيق ، وبند ما يستجد من أعمال.
بالإضافة إلى ذلك فالنائب هو حلقة الوصل ما بين المواطنين والحكومة ، وهو الذي يمثلهم وينطق باسمهم ، ويستقبل ويتعرف على همومهم وطلباتهم ، لتتولى الحكومة تنفيذها ، والتواصل معهم ، فمسؤولية ذلك كبيرة وشاقة ، لا يستطيع النائب القيام بها ما لم يكن على قدر تلك المهام التي تفرضها وظائف المجلس وآليات عمله ، ومنها تشكيل اللجان التي حددها النظام الداخلي بعشرين لجنة دائمة ، فضلا عن اللجان المؤقتة.
لكل لجنة مهام منوطة بها ، وتلك المهام تحتاج إلى خبرة أو معرفة يفترض أن تتوفر في النائب الذي ينضم لأي واحدة منها ، ولنا أن نتصور ما هي نوعية خبرة وكفاءة النائب الذي سينضم مثلا إلى اللجنة القانونية التي تدرس القوانين ذات العلاقة بالدستور والانتخاب العام ، والتشريعات المدنية والجنائية والحقوقية ، وغيرها من القضايا الحقوقية ، أو مدى قدرته على أن يكون عضوا في اللجنة المالية التي تدرس قانون الموازنة العامة ، والحسابات الختامية للمؤسسات الحكومية ، وتقارير ديوان المحاسبة وغيرها من المهام التي تقتضي قدرا وافرا من العلم والمعرفة بهذه الشؤون المتخصصة ، وقس على ذلك في بقية اللجان !
من المؤكد أن للنائب مهام وظيفية مرتبطة بوظائف المجلس ولجانه الدائمة ، ومن حقنا أن نعرف سلفا ما إذا كنا نجد الكفاءة في من وجد في نفسه الكفاءة لكي يرشح نفسه للانتخابات البرلمانية ، فليس من المعقول نلغي وعينا بأهمية دور السلطة التشريعية التي يفترض أنها تمثل الشعب وتنوب عنه في الرقابة على مصالحه باعتباره « دافع الضريبة « التي تشكل النسبة الأعلى من مداخيل الدولة !
والقضية ليست قضية « عسكر وحرامية « إنها قضية اكتمال حلقة الأداء العام للدولة بين التشريع والتنفيذ والقضاء العادل ، التي تصنع مع بعضها قوة الدولة ، وسلامة مؤسساتها ، وضمان تقدمها وتطورها ونمائها ، وتحقيق طموحات الشعب وآماله وحقوقه الأساسية في حياة كريمة ، ومستقبل واعد.
لقد آن الأوان لكي يعرف الناخب أنه كلما زاد انتقاده لأداء مجلس النواب ، عليه أن يزيد من لومه لنفسه على سوء اختياره ، وهو اليوم مسؤول أكثر من أي وقت مضى عن معرفة السيرة الذاتية للمرشح ، والتأكد من قدرته أو عدم قدرته على القيام بوظيفته ، مقارنة بمواصفات الوظيفة أو المهمة التي تنتظره في مجلس النواب ، ولجانه المتخصصة ، ولو أردت أن أضع شعارا لعملية الانتخابات التي نحن الآن بصددها لقلت « أحسن اختيارك ، تحسن لنفسك ولولدك وبلدك « !