هل الحكومة «إخوانية»؟!

حتى أكثر الصحفيين ذكاء يحار في فهم ما تريده الحكومة حقا!!
في الانتخابات السابقة قاطع «الإخوان المسلمين» وقامت «قايمة» الدنيا عليهم، وفي الانتخابات الحالية التي لا تختلف كثيرا عن الانتخابات السابقة، وفي ظل قانون ليس أفضل من سابقه، يشارك «الإخوان» ومع ذلك تقوم الدنيا عليهم حتى أن كثيرين ضغطوا باتجاه تأجيل الانتخابات، مع أننا نعرف جميعا أنه لو جاء ذو القرنين ويوليوس قيصر والاسكندر المقدوني وطارق بن زياد وشكلوا قوائم انتخابية فهم لن يفوزا بأكثر من 25 مقعدا، يعني على الحكومة أن تضع قدميها ويديها وأذنيها بماء بارد وتسترخي فهناك على الأقل 90 نائبا في الأحضان منذ الآن.
يبدو لي أن الغضب لدى بعض النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي وفي بعض المواقع الإلكترونية والصحف الرسمية، يعود إلى أن جميع محاولات «شيطنة» الجماعة في السنوات الثلاث الأخيرة جاءت بنتائج عكس المتوقع.
وتوقعت أن تعود الماكينة الإعلامية الموجهة، للأعلام الرسمي واليساريين والليبراليين الجدد، لشن حرب من تحت ومن فوق الحزام هذه المرة.
ولم يمض يومان على توقعاتي حتى عادت الماكينة الإعلامية الموجهة لشن حرب جديدة ضد «الجماعة» دون خطوط حمراء، ما يميز الحملة الجديدة هو أن منسوب التضليل مرتفع جدا، ولا تزال العقلية ذاتها تعتقد أنه بإمكانها السيطرة على الرواية الإعلامية وحجب الحقيقة في عصر «السوشيال ميديا».
أخر «الصرعات» ترويج حكاية «فتوى لمجلس علماء الشريعة في الجماعة، بخصوص طريقة اﻻنتخاب في قوائم «التحالف الوطني للإصلاح»، والدعوة إلى التمييز بين المرشحين».
والموضع الآخر «ضبط الأجهزة المختصة مخيمات كشفية لأعضاء الجماعة تدرب أطفالا تدريبات عسكرية وصفت بـ»الداعشية».. وهي حكاية مثيرة للدهشة إذ أين كانت الدولة و»الجماعة» تدرب مئات الأطفال عسكريا؟!.
وهو ما دفع كثيرين إلى استنكار نشر مثل هذه الأخبار، ويقول الوزير والنائب السابق السياسي المعروف محمد داودية على صفحته على «الفيسبوك» :»كذب علينا واستغفال واستهبال لنا واستهانة بنا، فلا يعقل أن ينشئ «الإخوان المسلمون» معسكرا سريا، منتسبوه أطفال وفتيان، لا يؤتمنون على السرية ساعة واحدة.»
ويضيف «ما كان محمود الكايد ولا جمعة حماد ولا سليمان عرار، يرحمهم الله ويحسن إليهم، يقبلون أن يستمعوا إلى هذه المزاعم الساذجة مجرد استماع. رحم الله الفقيدة صحافتنا».
ويختم دواودية «البوست» بقوله» مثل هذا الخبر يهبط بالصحيفة ويضرب نزاهتها ولا يضر المستهدف الإضرار به».
والغريب في هذا الأمر أن الحكومة الدستورية صاحبة الولاية لم تتحدث حول الأمر نهائيا.. رغم مرور أكثر من عشرة أيام على نشر التقرير.
وتبدو «الحملة « ضد « الإخوان» تسير دون هدى وعلى نسق منفلت فكل اتجاه يهاجم من جهة ملحقا ضررا بما يقوم به الاتجاه الآخر دون استناد إلى معلومات فقط مجرد الهجوم والنقد.
فمثلا هاجم وزير الدولة لشؤون الإعلام ووزير الثقافة سابقا والناطق الرسمي سابقا باسم الانتخابات النيابية لمجلس النواب السادس من أسماهم «جماعة الإخوان المسلمين غير المرخصة» منتقدا عدم ترشيح الجماعة لمرشح شركسي أو مسيحي في الدائرة الثانية بعمان، علما أن لا توجد مقاعد للأخوة الشركس والمسيحيين.
وقبل أيام وافق محافظ العاصمة على إقامة مهرجان لإشهار قائمة «التحالف الوطني للإصلاح» الانتخابية في المدرج الروماني، وقبل المهرجان بأقل من 24 ساعة يبلغ التحالف بإلغاء المهرجان بحجة أنه يقام في مرفق عام وحفاظا على القيمة التاريخية والأثرية للمكان.
مع أن نفس المكان استضاف قبل أيام أمسية موسيقية يبدو أنها لم تؤثر على قيمة المكان، وكذلك الأمر بمهرجان جرش الذي يبدو أنه لا يؤثر على القيمة التاريخية والأثرية للمكان.
ولن نخوض في الحديث حول قضايا أخرى مثل منع حزب»جبهة العمل الإسلامي» المرخص والذي يعمل ضمن مظلة قانون الأحزاب من إقامة حفل إفطار في شهر رمضان الفائت. أو في مسألة الهجوم المندفع ضد مرشحي «التحالف الوطني للإصلاح» للانتخابات المقبلة.
لكننا تسأل مثل غيرنا لماذا تصر الحكومة على مواصلة حملتها ضد «الجماعة» رغم أن جميع المؤشرات تشير إلى فشلها في هذه الحملة بل على العكس هي تخدم «الإخوان» بشكل غير مباشر.
أنا شخصيا لا اتفق مع «الإخوان» في كثير من القضايا وكثيرا ما انتقدهم في بعض مواقفهم التي تبدو لي هشة ولا تتفق مع القراءة الواقعية، لكني بعد الحملة التي تقاد من قبل هواة مندفعين بطريقة عصبية، سأمنح صوتي لمرشحيهم، رغم أنني كنت أفضل منحه لصديقي السياسي الدكتور ممدوح العبادي الذي عدل عن قرار الترشح في هذه الدورة.
«الحملة» الحالية و» الحملة» القادمة لن تكون أكثر من محاولة جديدة للتعكير والتنكيد وإثارة كآبة الشعب في صراع مصطنع ووهمي يعشش في عقول بعض التيارات التي لا تريد أن تغادر مربع الكراهية والإقصاء، وتريد من الجميع أن يلعبوا وفقا لشروطها.