سياسة الصدر الضيق ظهرت مجددا في الأردن والسلطات واجهت نشاطات 'حق العودة'

اخبار البلد : بسام البدارين - المضايقات الرسمية التي حصلت أو تلك التي سمحت بها السلطات للمحتشدين فجر الأحد في منطقة الأغوارتحت عنوان 'حق العودة' تؤسس مجددا للصورة السياسية وألحكومية التي لم تعد مفهومة خلافا لكونها مضايقات برمجت أصلا وفقا لقاعدة الإستمرار في ملاحقة الإسلاميين وتقليم أظافرهم.
والإسلاميون في الأردن حاولوا بدورهم التذاكي وإرسال رسالة أكثر حساسية للسلطات فأوقفوا نشاطهم الذي يحمل إسم الإصلاح السياسي في الشارع بعد تشكيل اللجنة الملكية لتعديل الدستور لكنهم قادوا عن بعد فعاليات ذكرى النكبة على مدار ثلاثة أيام وتمكنوا من إنزال عشرات الالاف من المواطنين للمنطقة الفاصلة مع الكيان الإسرائيلي قائلين ضمنيا بأن سلام وادي عربة على الأرجح لم يكن ولن يكون شعبيا.
وبطبيعة الحال يمكن القول ان لدى الإسلاميين أهدافهم لكن فعاليات العودة الجماهيرية لم تكن إسلامية فقط والغريب ان السلطات البيروقراطية تصرفت بوضوح على أساس الصدر الضيق وأظهرت إستعدادها لقمع المسيرات والإعتصامات حتى لو كانت تحمل شعارا تم تفصيله على مقاس الموقف الرسمي وتحديدا بعدما أعاد رئيس الوزراء معروف البخيت التذكير بأعلى صوت بأن بلاده لن تقبل بدولة فلسطينية بدون حق العودة والتعويض.
وهنا تكمن المفارقة الأردنية بإمتياز فالأردن الرسمي هو الدولة التي ينبغي ان تكون أكثر حرصا على حق العودة وشعار ضد الوطن البديل هو الهاجس الذي على أساسه تم التصدي سنوات لخطط ومشاريع الإصلاح السياسي لكن ذهنية السلطة تستحكم عندما يرفع هذا الشعار الإسلاميون أو غيرهم من الذين خططوا للإحتجاج قرب المعابر والجسور إعتبارا من الجمعة الماضية.
والمنطق يفترض ان السلطات الأردنية السياسية ينبغي ان تتساهل أكثر مع مسيرات وإعتصامات تطالب بحق العودة وينبغي ان تسمح لأكثر من مليوني لاجيء تستخدمهم كورقة إقتصادية وسياسية بالتعبير عن هويتهم سياسيا وإعلاميا وجماهيريا لكنها لا تفعل ذلك.
لكن هذا التساهل لم يحصل رغم ان ترك المحتجين يتجمعون قي منطقة الأغوار وتأمينهم وتأمين منطقة الفصل الأمنية والجسور والمعابر نفسها كان خيارا متاحا بحيث تتحول مسيرة الأغوار إلى رسالة سياسية وشعبية بإتجاه الإسرائيليين وغيرهم يمكن للمطبخ السياسي الأردني قبض ثمنها.
ذلك لم يحصل إطلاقا وما حصل ان السلطات تركت الجمهور يتحرك ويتحشد ثم فجأة سمحت لأهالي في المنطقة بمضايقته بشكل وصل لإطلاق النار وتحطيم سيارات ثم قررت فجأة إنهاء الفعالية التي يفترض أنها في صدفة غريبة تنسجم تماما مع تطلعات الشعب الأردني من مختلف الأصول والمنابت ومع ـ وهذا الأهم - الموقف الرسمي المعلن.
حتى أن الأهالي الذين هاجموا المشاركين في المسيرة لم ينتبهوا الى انها منظمة على مقاس موقفهم السياسي ومخاوفهم من الوطن البديل.. رغم ذلك تصرفت العقلية الأمنية فقط على إعتبار ان الإسلاميين دوما وأبدا هم الهدف فتكرر المشهد الأردني الخالص الذي يخرج فيه جزء من الشعب للإنقضاض على جزء آخر من الشعب لصالح السلطات.
والمجازفة بتنفيذ تعليمات إنهاء التجمع في الأغوار قبل وقته المفترض إرتقى لمستوى تحطيم كاميرات والإعتداء على الصحافيين ومصادرة أشرطة بقرار ميداني رسمي سيعيد النقاش في البلاد مرة أخرى حول القضايا التي يفترض انها حسمت مبكرا