مال قذر أسود

في كل انتخابات يكثر الكلام عن وجود مال قذر، أو ما يطلق عليه مال أسود، يستخدمه البعض لإفساد أي عملية سياسية وتسميم أجواء الديمقراطية، ووضع عصي في دولاب الإصلاح لمنعه من الانطلاق.
أولئك يعرفون يقينا أن لا مستقبل لهم في دولة سيادة القانون والمؤسسات والعدالة والمساواة، والحرية ومنع الواسطة والمحسوبية، ومحاربة الفساد والإفساد، ولذلك يستشرسون في إعاقة التطور والتقدم مستخدمين شتى الوسائل لمنع ذلك.
المال الأسود، يظهر بشكل دائم لتشويه الصورة، وزعزعة الإطار العام، وتشويه صورة أي مجلس نيابي، ديدنه ما فعله بمجالس نيابية سابقة كان للمال القذر دور في تشويه صورتها.
محاربة المال القذر تتطلب همة حكومية، وتوسيع محور نظرها في كل الاتجاهات، ومراقبة المرشحين بشكل جيد، ورصد كل ما يتعلق بشبهة استخدام مال اسود للتأثير على إرادة الناخبين.
المطلوب توسيع قاعدة العمل، وأن تساهم أجهزة الدولة بكل مؤسساتها في رصد قيام مرشحين باستخدام هذا المال الأسود لتشويه العملية الانتخابية، وشراء ذمم الناخبين، لتسهيل وصول فاسدين لقبة المجلس حيث دور رقابي وتشريعي للنائب، وهؤلاء المفسدون الفاسدون سيكون من الصعب عليهم القيام بدور رقابي أو تشريعي.
مسيرة الإصلاح لا يمكن أن تنطلق بكل قوتها بوجود أولئك الفاسدين، الذين يريدون التأثير على إرادة الناخبين للوصول إلى قبة التشريع، من دون أن تكون لديهم رؤية سياسية أو اقتصادية أو فكر مجتمعي، ومن دون أن تكون لهم مكنة إيصالنا لمفهوم دولة المؤسسات والقانون والعدالة والمساواة، ومن دون أن تكون لهم بصمة في المجلس المقبل، الأمر الذي سيساهم في تعميق الفجوة بين المجلس النيابي والمواطن.
محاربة المال القذر تتطلب من الدولة الابتعاد عن الشعارات و"البروشورات" المكتبية، والذهاب إلى الأرض، وتقديم كل من يستخدم المال القذر إلى القضاء، ومحاكمته ومنع ترشيحه، وإيقاع العقوبات التي نص عليها القانون بحقه، فالقانون جاء للتنفيذ، والتفعيل والتطبيق، وبما أن الكلام عن القانون، فإن ذلك يعني أن يتم تفعيل القانون على الجميع من دون استثناء، ورصد مرشحين تدور حولهم شبهة المال القذر الأسود، ووقف تمدد فسادهم في المجتمع، وهذا أيضا يتطلب رصد أعوان المرشحين ورصد أي حركة تتعلق بالمال الأسود من قبلهم.
الاخطر في الوقت الراهن أن يكون للمال القذر دور في إيصال مرشحين غير أكفاء لقبة مجلس النواب، ومنحهم الحق في التشريع والرقابة، فأولئك ستكون بصمتهم في مجلسنا المقبل سوداء وأفعالهم تنطلق من مصالحهم الضيقة وكفى، ولن يكون لهم وعي ودراية بحقيقة دور مجلس النواب السياسي والتشريعي، الأمر الذي سينعكس سلبا على صورة المجلس في ذهنية المواطنين وعقولهم.
إغماض العين، والاكتفاء بالقول إننا نراقب ونرصد ونتابع لا يكفي، المطلوب الرصد والمتابعة، وتقديم كل من يتعامل بالمال القذر للقضاء، فالشواهد تقول بأنه يوجد من يستخدم المال القذر الأسود، وحكايا الناس وقصصهم كثيرة في هذا الصدد، ولهذا فإن الأمر لا يحتاج للكثير من العناء لمعرفة من يستخدم المال القذر، ورصد تحركاته وأعوانه، ووقف امتداد خيوطه الشيطانية في المجتمع، وبتر آفته.
القانون وضع مواد صارمة لمحاربة كل من يستخدم او يقدم رشى للتأثير على إرادة الناخبين، ولا يتطلب الأمر إلا تفعيل تلك المواد الحازمة، وعدم تركها كمواد صماء من دون تفعيل، فذاك سيعزز من قناعة المواطنين والمراقبين بالعملية الانتخابية ويعكس صورة ايجابية عن انتخابات 20 أيلول (سبتمبر) المقبل، وإيصال صورة ايجابية عن مجلس النواب الثامن عشر المقبل، وهذا من شأنه وضع السكة على طريق الإصلاح الحقيقي، والذهاب باتجاه دولة العدالة والمساواة، وتكافؤ الفرص والحريات العامة.