حول استشهاد ابن لادن

 

 قال تعالى: }إن يَمْسَسْكُم قرحٌ فقد مَسَّ القومَ قَرحٌ مثلُه وتلك الأيامُ نداولها بين النَّاس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحبّ الظالمين{ (آل عمران:140).

إن العالم المسلم إزاء هذا الحدث الجلل والمصاب المؤلم للأمة الإسلامية جمعاء؛ يجد من الواجب عليه أن يصدع بالحق فيقول:

1- إن قتل ابن لادن وإلقاء جثمانه الطاهر في البحر؛ جريمة بشعة تدلّ على الطبيعة الماكرة الحاقدة التي يختزنها الكفر الصليبي واليهودي المحتل لبلاد المسلمين في فلسطين والعراق وأفغانستان..

إنه الحقد الأعمى الذي قال الله فيه: }قد بَدَت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر{ (آل عمران: 118)..

إنه الحقد الذي يصرّ أهله على اجتثاث الإيمان والجهاد من قلوب المؤمنين، قال تعالى: }ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردّوكم عن دينكم إن استطاعوا{ (البقرة:217). إن هذه الآية تقرر بوضوح أن المعركة بين الحق والباطل باقية ما بقيت الحياة.

2- إن ما جرى على أرض باكستان من تواطؤ بين حكام باكستان وبين الصليبيين الأمريكان القتلة؛ مُدانٌ عند كل مسلم عنده أثارة من دين وإيمان.

ولن ينجو هؤلاء الحكام من سخط الله وغضبه وانتقامه ولو بعد حين، فالله عز وجل لا يهمل الظالم بل يمهله، ففي الحديث: "إن الله ليملي للظالم؛ حتى إذا أخذه لم يُفْلته"، ثم تلا: }وكذلك أخْذُ ربك إذا أخَذَ القرى وهي ظالمة إنّ أخْذَه أليمٌ شديد{ (هود: 102).

3- إن مما يثير الاشمئزاز والسخرية في آن واحد؛ ما صرح به أوباما الصليبي بأن أمريكا راعت الطريقة الإسلامية في التعامل مع جثمان الشهيد ابن لادن؛ فقذفته في البحر.

إن هذه الفعلة الشنيعة القبيحة تدلّ على جهل وانحراف في الفطرة والشريعة، فإن الطريقة المشروعة في الدين منذ عهد آدم عليه السلام وإلى أن تقوم الساعة؛ هي أن يُوارَى جسم الميت في التراب، سواء أكان مؤمناً أم كافراً، لا بالقائه في البحر، قال تعالى: }فبَعَثَ الله غراباً يبحث في الأرض ليُريه كيف يواري سَوْأة أخيه قال يا ويلَتا أعجزتُ أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبَح من النادمين{ (المائدة: 31).

ولهذا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بدفن قتلى المشركين ببدر في القليب، ودفن شهداء أحد في أرض المعركة التي استشهدوا عليها.

4- لقد ظن الأعداء من أمريكان ويهود وسائر دول المعسكر الصليبي المحتلين لفلسطين وللعراق وأفغانستان؛ أن قتل ابن لادن ستخمد به جذوة الجهاد في نفوس المسلمين، وما علموا أن جذوة الجهاد ستزداد اشتعالاً وضراماً في نفوس المؤمنين وقلوبهم، قال تعالى: }واقتلوهم حيث ثقفتموهم واخرجوهم من حيث أخرجوكم{ (البقرة: 191)، بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن الجهاد ماض إلى يوم القيامة؛ لا يُبْطله جور جائر، ولا عدل عادل، ففي سنن أبي داود (2/17): قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والجهاد ماض منذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال، لا يُبْطله جور جائر، ولا عدل عادل".

5- لقد تواترت الأخبار عمّن لقوه وسمعوا منه؛ أنه جاهد المحتلين لأفغانستان رجاء أن يرزقه الله الشهادة، ونحسب - والله أعلم - أن الله أعطاه ما كان يرجو ويتمنى.

6- إن هذا الإسلام العظيم يوجب على المسلمين أن يجاهدوا المعتدين على المسلمين والمحتلين لبلادهم، وأن يعدّوا أنفسهم لذلك، ففي صحيح مسلم: "مَنْ لم يَغْزُ ولم يحدِّث به نفسه؛ مات على شعبة من نفاق" (مختصر صحيح مسلم للمنذري، رقم 1073).

وختاماً؛ إننا نضرع إلى الله أن ينصر المجاهدين في فلسطين وأفغانستان والشيشان والعراق على المعتدين والمحتلين لبلاد المسلمين، كما نوصي إخواننا المسلمين بالدعاء للمجاهدين بالنصر والتمكين.