النائب "السياسي" أم "الخدماتي"؟

نعتب على بعض الناخبين، حينما يفضلون "النائب الخدماتي" على "النائب السياسي"، إن جاز التعبير صاحب البرنامج ذي الأهداف العامة والوطنية. فالنائب الخدماتي، يساعدهم في قضاياهم المعيشية والإنسانية، ويعمل لتقديم العون لهم عندما تتعقد أمور حياتهم، وتواجههم مشاكل مستعصية وخطيرة، فيما ينشغل "النائب السياسي"، عنهم.
ومع العتب، إلا أن الأمور لم تتغير، وما يزال الكثيرون يفضلون النائب الخدماتي على "النائب السياسي". فمن التجربة، ومنذ عودة الحياة البرلمانية في العام 1989، فإن النائب الخدماتي، هو الذي يلتفت لمجتمعه المحلي، ويساعد الناس فيه، فيما يغيب النائب السياسي عن التفاصيل اليومية للناس، بذريعة أن هناك قضايا كبيرة تشغله عن القضايا اليومية للناس.
طبعا، هناك استثناءات متعلقة بـ"النائب السياسي"، فهناك أمثلة مضيئة كان لها تأثير واضح في قضايا الناس، وفي القضايا العامة، ولكن هذه الأمثلة الفردية، تؤكد القاعدة العامة، والتي تظهر، أن النائب الخدماتي، محبوب أكثر من القواعد الانتخابية، لاهتمامه بشؤون الناس، وقضاياهم اليومية، فيما يغيب "النائب السياسي" عنها، ويركز على القضايا العامة. ومن المؤكد، أن التأثير الأكبر في الحياة البرلمانية والعامة، هي لـ"النائب السياسي" على المدى الأبعد، ولكن الناس، ونتيجة للظروف الموضوعية، ومشاكل المعيشة القاسية، يجدون أن النائب الذي يسعى إلى حل مشاكلهم اليومية، وملتصق بهمومهم، مهما كانت بسيطة، هو الأقرب اليهم، وهو الذي سينتخبونه، لأنهم سيجدونه عندما يلجأون إليه، فيما يتذرع "النائب السياسي" بانشغاله بحل القضايا العامة، التي هي تصنع المشاكل اليومية، لرفضه تقديم المساعدة والعون للناخبين، حينما يواجهون مشاكل فردية بسيطة.
لذلك، فإن بعضا من النواب "السياسيين" الذين يعرفون طبيعة وتعقيدات مجتمعاتنا، يوازنون بين القضايا العامة والسياسية وبين القضايا الخدماتية، فلا يوجب الاهتمام بالقضايا "الكبرى"، اهمال القضايا "الصغرى" (الخدماتية)، فهذه الأخيرة، وإن كان الاهتمام بها لدى البعض عمليا سلبيا، إلا أنها ما تزال تؤثر بشكل كبير على التوجهات الانتخابية للناس.
إن طبيعة المجتمع، توجب عدم إهمال الجوانب الخدماتية، فهذه هي التي تجعل الناخب قريبا جدا من هموم الناس، وتجعله ايضا قريبا منهم. ولكن، اعتقد أن النواب الذين يوازنون بين الجانبين (السياسي والخدماتي) قادرون على تحقيق الأفضل للناس، وبإمكانهم تحقيق الفارق، وخدمة الناس وقضاياهم السياسية والعامة في آن واحد. واعتقد، أن النائب القريب من هموم ناخبيه، ومشاكلهم اليومية وغير اليومية، يستطيع كسب ثقتهم، من أجل خوض المعارك الأكبر، وتحقيق الأهداف الكبرى، كتعزيز الحريات العامة والديمقراطية وحقوق الإنسان وغيرها.