سياسات إقتصادية ومالية ونقدية للنسق / مراجعة
مراجعة سياسات إقتصادية ومالية ونقدية للنسق أعتمدت كمتطلب دولي للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية ، منذ العام 1989، أصبحت ضرورة ملحة وضاغطة من خلال مؤتمر حوار وطني عام ، يشارك فيه خبراء إقتصاديون وماليون من خارج دعاة الليبرالية الجديدة بالاضافة الى ممثليين عن اطراف العملية التبادلية ، وليس عبر لجنة منتقاة من الحكومة على شكل ورشة عمل تشاورية تخرج بتوصيات غير قابلة للتطبيق من ضمنها توصية مشبوه تقضي بإنشاء مؤسسات مالية كبرى ، تهدف الى توفيرغطاء مرجعي محلي لتمويل مشاريع إاقليمية مشتركة مشبوه ضمن كذبة صفقة الشريك الاستراتيجي التي اطاحت بالسوق المالبة المحلية ، وساهمت في فكفكة البنى التحتية والاصول الانتاجية لمشروع الدولة العملاقة في البلاد.
مازالت عقلية الجبائية مسيطرة على دوائر القرار الاقتصادي المحلي والملتزمة بمبادئ "الليبرالية الجديدة " ولم تحسن إدارة عملية تغيير المسار الاقتصادي ؛ لأنها أخذت من الوصفة الدولية جوانب وأهملت جوانب اخرى ضرورية في عملية التحول نحو "الليبرالية الجديدة" في إدارة المرفق الاقتصادي وبخاصة سياسة الاقتصاد الاجتماعي التي تطبقها دول معتمد فلسفة اقتصاد السوق في نظامها الاقتصادي مثل الدانماك والنرويج وغيرها من الدول السائرة في هذا السياق العالمي.
إعادة تقييم مخرجات البرامج الدولية لتأهيل الاقتصاد الوطني للاندماج في الاقتصاد العالمي، أضحت أمر ملحا وضاغطا، لان سياسة تحرير الأسعار ومنها المشتقات النفطية ، كشفت هشاشة هذه المخرجات،لان تطبيق مبادئ الليبرالية الجديدة بتطرفها،على اقتصاد على طريق النمو ، صاحبه حالة غير مسبوقة من الاحتقان الداخلي أدت إلى تلاشي القدرات الشرائية للمواطنين وتأكل دخولهم بحيث أصبحت الأجور معاشا لا تلبي الحدود الدنيا للعيش الكريم , استدعت تدخل المحافظين لاستدراك الآثار السلبية المدمرة لتغيير المسار الاقتصادي .
في قراءة معمقة وعلمية ونقدية فاحصة للمنهاج الاقتصادي الجديد القائم على" تأليه فلسفة إقتصاد السوق الحر بعد الازمة المالية العالمية التي عصفت باسواق العالم منها السوق المحلية ، نرى أن مدرسة 'الليبرالية الجديدة تسعى الى تجاوز نظام السوق الرأسمالية الوطنية الذي ساد في مراحل سابقة، كانت الدولة تمارس حقها في السيادة الاقتصادية ووضع التعريفات الجمركية الحمائية.
المراجعة الشاملة لسياسات الحكومة الاقتصادية والمالية والنقدية للتحول الى فلسفة اقتصاد السوق الاجتماعي، أمر مرغوب به ويتماشى مع سنة التطويروالتحديث ، لكنه يحتاج الى إطلاق عملية إصلاح اقتصادي شاملة ذات ابعاد وطنية ومضامين اجتماعية ، قادرة ومقتدرة على استعادة قيادة العملية الانتاجية التي انتزعت في إطارمشاريع البرامج الدولية لتأهيل الاقتصاد الوطني للاندماج في الاقتصاد العالمي " ، واصبحت مسألة حيوية وملحة وضاغطة تهدف في الاساس الى ؛
اولا :- معالجة الاختلالات الهيكلية والتدمير المتعمد التي أصابت القاعدة الانتاجية والنشاط الاقتصادي في مقتل بعد الانسحاب غير المنظم من العملية الانتاجية وبيع أصول القاعدة الانتاجية بثمن بخس،والتي تمكن البناة الاوائل من إرساء مرتكزاتها على مدى نصف قرن من البناء والتعمير .
ثانيا :- تكوين بنية تحتية لقاعدة انتاجية جديدة ، لانطلاقة اقتصادية عملاقة، تسهم في استعياب جيوش العاطلين عن العمل وخروج مئات الالاف من الداخلين دوائرخطوط الفقر.
ثالثا :- إستعادة أصول القاعدة الانتاجية التي بنيت على مدى نصف قرن من البناء والتعمير .
رابعا:- تحويل الاردن الى قاعدة للصناعات الخفيفة المولدة للعمالة ، والقادرة على المنافسة في الاسواق المحلية والتصديرية.
خامسا :- اعتمادة سياسات نقدية ومالية واقتصادية جديدة ، منسجمة مع سياسة اجتماعية مرشدة ترمي الى اعادة بناء الطبقى الوسطى في المجتمع الاردني ، وتفعيل دوران الدورة المالية لتؤدي دورها الوطني في ايجاد التوازن المطلوب بين الشرائح الاجتماعية ./ يتبع 2/2
*صحافي وناشط سياسي من الاردن/
سياسات إقتصادية ومالية ونقدية للنسق/ مراجعة/2/2
* عبدالحفيظ ابوقاعود
لقد إتجهت معظم حكومات متعافبة الى الانخراط في سوق رأس المال على حساب المشروعات الانتاجية المولدة للعمالة والدخل في البلاد ، مبررةً هذا التوجه بالانفتاح على الاسواق العالمية، الأمر الذي انعكس على دورها في تأمين الحد الأدنى من متطلبات الجماهير ؛ ويمكن رصد مؤثرات الليبرالية الجديدة على "مشروع الدولة العملاقة " في الاردن ، عبر جملة من المؤشرات الاقتصادية أهمها: ارتفاع معدلات البطالة، عدم وجود معدلات الارتفاع في إلإدخار، تسهيل عملية الخصخصة، دعم حرية السوق، ارتفاع معدلات التضخم،وإحلال الواردات على حساب الصادرات.
لقد مثل السوق عاملاً أساسياً في الاقتصاد الرأسمالي المعاصر نظراً لشموليته وتنوع مؤسساته وارتباطه بالمنظمات الدولية المعنية بصناعة القرار السياسي الدولي، وذلك في إطارتحديد حركة اقتصاد السوق وأهميته، وُضعت نظريات مختلفة منذ بدايات القرن العشرين، أسست بدورها لوضعية اقتصادية قائمة على ركيزتين هما : وضعية المنافسة والإحتكار.
كما تسعى الى التخلص من دولة الرعاية والنظر الى الخدمات التعليمية والصحية والضمانات الاجتماعية المختلفة التي وفرتها هذه الدولة الاردنية في السابق على أنها معوِّقة للمجتمع الحر لأنها تقيّد اختيارات أفراده، مثلما هي معوِّقة للتقدم الاقتصادي بقدر ما تفرض إكراهاً وكوابح على سوق التداول الحر للسلع والخدمات و والمهارات،لان مدرسة الليبرالية الجديدة في بلد المنشأ تنطلق من خمس قواعد أساسية:
أولاً: السوق وذلك عبر تحرير المؤسسة أو الشركة من القيود التي تفرضها الدولة بصرف النظر عن مدى الضرر الذي من الممكن أن تسببه على الصعيد الاجتماعي، فالإنفتاح على التجارة العالمية والإستثمارات الدولية يمهد الطريق أمام تجريد العمال من حقوقهم وتخفيض أجورهم، ويؤدي بالضرورة الى إنفلات الأسعار أي غياب القيود والضوابط التي تتحكم بارتفاعها .
ثانياً: تخفيض الإنفاق العام على الخدمات الاجتماعية كالتعليم والرعاية الصحية.
ثالثاً: هيكلة التنظيم الاداري العام أي تخفيض التنظيم الحكومي لأي شيء يمكنه أن يخفض الايرادات العامة .
رابعاً: الخصخصة وتهدف الى بيع الشركات والبضائع والخدمات المملوكة للدولة الى مستثمرين في القطاع الخاص. .
خامساً: إلغاء مفهوم الصالح العام واستبداله بالمسؤولية الفردية أي إحالة غياب الرعاية الاجتماعية الى الفرد بحد ذاته كونه لم يعمل على تطوير أو تحسين مستواه المعيشي، بمعنى آخر تقديس الفردانية الاقتصادية وجعل السوق المحرك الأساسي للأفراد والاقتصاد المحلي وبالتالي العالمي.
لقد أسفرت سياسات "الليبرالية الجديدة " الدولية في الاردن الى استعمال السوق كأداة للإخلال بالتوازن في مشروع الدولة في الاردن في نظمها وبرامجها الخاصة بالحماية الاجتماعية، وإتخاذ السوق والمنافسة التي تجري فيها مجالاً للاحتكار العملاق المنظم. حيث كرست الايديولوجيا الليبرالية الجديدة حرية السوق المطلقة العابرة للقوميات والقارات، كنتيجة لذلك تعرض الاقتصاد الوطني للعديد من الانتكاسات الاقتصادية بسبب الانفتاح غير المدروس على الاستثمارات الاجنبية،وتحجيم دور "الدولة" وتقليص تدخلها في الشأن الاقتصادي أدى الى زيادة موارد القطاع الخاص والى تزايد العجز في الموازنة العامة للدولة، أما في ما يتعلق بالخصخصة فقد نجم عن ذلك إعادة توزيع الثروة الوطنية لصالح أصحاب رأس المال.
نعم؛ المطلوب تقييم هذه السياسات واثارها السلبية على الاقتصاد المحلي ، من قبل خبراء واكاديميين في علم الاقتصاد العام لمراجعة حزمة التشريعات الاقتصادية المؤقتة ، من حيث استكمال الحزمة بقانون حماية المستهلك ومرجعياته الحكومية والاهلية، لاعتمادفلسفة اقثصاد السوق الاجتماعي كمنهاج اقتصادي يناسب النسق في الاردن.
*صحافي وناشط سياسي من الاردن/