المعلمة رزان خلفة شخصية تستحق أن تدرس للأجيال ...!!!

المعلمة رزان خلفة شخصية تستحق أن تدرس للأجيال ...!!!
خرجت من المنزل كالمعتاد لأقضي بعضاً من أعمالي الروتينية، وكالعادة أرى ما أراه كل يوم سيارات مسرعة وأخرى تقف على قارعة الطريق، وأشجار باهتة وأغصانها مكسرة، وأخرى مضيئة وأغصائها جَمِيلَة، ووجوه مبتسمة تعطيك أملاً في الحياة، وأخرى كئيبة لا أمل فيها ولا حياة، وبنايات فارهة يسكنها أناس من عالم آخر يشبه كل شيء إلا عالمنا، وأناس آخرين يسكنون الخيام التي لم تعد صالحة للاستهلاك البشري، لم يجذب انتباهي شيئا، ولم يستوقفني منظر من هذه الأحداث التي باتت أمر روتيني، لكن هذه المرة خلال مسيري من أمام البوابة الرئيسية لجامعة البتراء نظرتُ إلى جانبي رأيت مشهداً غريباً وعجيباً لكنَّه شدَّ انتباهي وأثار في ذاتي الفضول وحبَّ السؤال والاستفسار، أوقفت سيارتي ثم دققت النظر ثم نزلت منها مُترجلاً لأقترب من هذا المشهد الغريب العجيب الذي يبعث في النفس أمل، ويحيي فيها حبَّ العمل، ويحطم فيها اليأس والأنانية، وقفت وبعدها أديت التحية ثم قلت:- هل من سؤال، أجابت تلك الفتاة اليانعة تفضل وهي منهمكة في عملها في ظروف قاسية يصعب أن يستوعبها أصحاب العقول المتشائمة والنظرة القاصرة والهمم الدنيئة، كانت تعمل في بيئة فقيرة معدومة تخلو من شروط السلامة العامة، بيئة تشبه كل شيء إلا بيئة التعلم، إلا أن المعلمة رزان خلفة جعلت من الأرصفة وأزقة الشوارع بيئة تعليمية خلابة، يتفاعل الطلبة معها بشكل لا يمكن وصفه، ويكأنهم في مدارس عالمية، فالمعلمة رزان خلفة كانت في ذاكرتها فكرة وسرعان ما أطلقت العنان لفكرتها ثم ترجمتها على أرض الواقع فكانت فكرة بنكهة المبادرة، حيث قامت مبادرتها على جمع أبناء الخيام والتنسيق مع أهلهم من أجل تحديد موعد لتدريسهم ولا يوجد مكان لتدريسهم سوى الأرصفة، المعلمة رزان خصصت من وقتها ساعتين لتدرسهم دون مقابل مادي أو ثناء، كانت وما زالت مبادرتها قائمة على انقاذ الأطفال وتعليمهم قبل فوات الأوان، تجولت بين الأطفال خلال مكوثهم على الرصيف، قلبت دفاترهم خطوط جميلة، وطرحت عدة أسئلة وكانت أجوبتهم مدهشة، علماً أن المعلمة رزان كانت تحضر في حقيبتها أقلام ودفاتر لهم، وما لفت انتباهي وزادني دهشة وربما حيرة أن الأطفال كان بحوزتهم هدايا بسيطة قدموها لمعلمتهم تقديراً للجهود التي قدمتها لهم، هذه المعلمة تستحق أن تشكر وتكرم على هذه المبادرة التي تبعث في ذوات الكبار والصغار أملاً بأن في الحياة حياة، وعلى المؤسسات والشركات وأهل الخير أن يقدموا الدعم الذي تحتاجه المعلمة رزان خلفة لتصل إلى طموحها وتحقق أهدافها بتعليم المشردين وأبناء الخيام، فالتعليم حق مشروع لبني الإنسان، ومعرقله مُجرم ...!!!
بقلم :- محمود عبد العزيز العايد