خلف الصورة !

الصورة التي ظهر بها البرلمان السابع عشر ، وقبله السادس عشر ، هي الصورة التي رسمها الإعلام ، وترسخت في الأذهان ، فالمشاجرات ، والملاسنات ، تشكل مادة دسمة لمختلف وسائل الإعلام ، والمشاجرات التي حدثت في برلمانات أخرى كانت كذلك محل تندر في تلك الوسائل ، وخاصة في مواقع التواصل الاجتماعي حيث جيل الشباب عامة غير مكترث بالتشريعات والقوانين التي يقرها المجلس ، ولا بما تقوم به اللجان من جهود ومشاورات مع الأطراف ذات العلاقة قبل إقرار أو رفض أو تعديل القوانين الواردة من الحكومة.


ذلك أمر لا تلام عليه وسائل الإعلام ، وإذا كان لا بد من اللوم فهو يقع على بعض أعضاء المجلس الذين لم يضعوا في اعتباراتهم صورة المجلس التي هي مسؤولية أعضائه أولا وأخيرا ، وتلك الحقيقة تأخر إدراكها ، فقد تم الحديث عن ضرورة إعادة النظر في النظام الداخلي للمجلس ، واتخاذ إجراءات حازمة لوضع حد للممارسات الخاطئة بعد فوات الأوان !

المجلس السابق الذي أقر 175 قانونا بما فيها قانون الانتخاب الجديد سجل ، أحداثا مؤسفة ، وغيابات أدت إلى تأجيل بعض الجلسات ، ومع الإقرار بأن الكثير من القوانين لم تناقش بالشكل المناسب ، مما أثار غضب قطاعات عديدة ، فقد كان المجلس حاضرا في لحظات تاريخية عصيبة تمر بها منطقتنا ، فكان في حد ذاته جزءا من صورة الدولة التي تعمل فيها السلطات الثلاث ، وتتعاون أحيانا ، وتتناغم أحيانا أخرى في كل مرة تعرض فيها بلدنا لاعتداءات إرهابية ، أو أزمات طارئة.

صحيح أن التصدي للتحديات الداخلية والخارجية ، وإدارة الأزمة إذا جاز التعبير سيكون أكثر قوة وفعالية عندما تعمل السلطات بدرجة عالية من الجدية والالتزام ، ومع ذلك فالأردن لم يضعف في مواجهة الأزمات بفضل قيادة جلالة الملك الحكيمة ، وسلامة وشجاعة قواتنا المسلحة ، وأجهزتنا الأمنية ، ولكن قد يطمع الذي في قلبه مرض لو ظن أن الصورة المرسومة تمثل واقعنا الحقيقي !

ها نحن على موعد مع الانتخابات الجديدة التي ما يزال قانونها ، وإجراءاتها التنفيذية تثير الجدل ، والاستفسار ، وها نحن نسمع الأسئلة القديمة الحديثة أي نائب ، وأي برلمان نريد ، ولكن يبدو أن السؤال الأهم الذي يجب توجيهه إلى الأردنيين جميعا هو أي مستقبل نريد ؟

خلافا للمرات السابقة فإن ذهاب الأردنيين إلى صناديق الاقتراع بكثافة من شأنه أن يحمل رسالة إلى القوى التي تعبث بهذه المنطقة ، وتسعى إلى إعادة تشكيلها على نحو أسوأ مما هي عليه بأن الأردنيين يعززون وجود وقوة سلطات بلدهم ، وخاصة السلطة التشريعية التي تمثلهم ، ولا بأس من وضع آليات شعبية لمراقبة أعضاء المجلس لأن الوضع لم يعد يحتمل تصرفات من شأنها الإساءة لهم ولبلدهم ولصورته الحقيقية ، والأهم من ذلك فإن الإقبال القوي على صناديق الاقتراع هو الذي سيفرز النائب الأفضل.