النواب يريدون البقاء

 


بمجرد الانتهاء من إقرار قانوني الانتخاب والأحزاب، ومن التعديلات الدستورية التي كُلّفت بها لجان محددة، سنقف بانتظار إجراءات تطبيقية على الأرض، ليس اقلها من حل مجلس النواب والذهاب نحو انتخابات مبكرة.

هذه الإجراءات المتوقعة والضرورية، والتي لا غنى عنها حتى تكتسب عملية الإصلاح مصداقية، تلقى اليوم محاولة مقاومة من قبل النواب ومن بعض السياسيين.

حجة هؤلاء النواب ومسوغاتهم التي يرتكزون عليها من اجل المطالبة بإطالة عمر المجلس، يعتمد أساسا على ضرورة عدم استسهال حل مجلس النواب لا سيما أن المجلس السابق قد حل قبل انتهاء مدته.

وللأمانة، فان ما جرى في الفترة الأخيرة من حراك شعبي، ومن لجوء ملكي إلى لجان معينة طلب منها إقرار قوانين وتعديلات دستورية، كان أكثر مساسا بمركز النواب ودورهم في النظام السياسي.

فواجبات النواب الدستورية توزعت على هذه اللجنة وتلك، فلم يعد للمجلس من دور إلا شكله البرتوكولي المنتظر لإقرار تعديلات المشهد.

لذا كان من الاوجب على مجلس النواب أن لا يسمح باختطاف دوره وتوكيل مهامه إلى جهات خارجة عن إرادته ولا تقبع تحت القبة النيابية.

من هنا تبدو حجة المطالبين بالإبقاء على مجلس النواب بعد إقرار القوانين الناظمة للمرحلة المقبلة واهية وغير مبررة، فالمجلس فقد مبرر وجوده ولا داعي للتمسك به على اعتبار انه اضعف من التغطية على ضرورات المرحلة.

من المؤكد أن الدولة لن تصاب بالجنون السياسي، فتسمح لنفسها أن تقر رزمة تعديلات وتؤخرها سنوات أخرى، فمن يفكر بهذا لا يعلم مبرر إجراء التعديلات التي فرضها الشارع، ولا يعلم قدرة الشارع على العودة وفق دينامكية «إن عدتم عدنا».

المرحلة حساسة، ولا تحتمل الإصغاء لرغبات أشخاص أرادوا البقاء في مواقعهم من منطلق شخصي ونفعي بحت، وهذه المرحلة لن تقبل إلا بسياسة «الرزمة الكل»، وما على هؤلاء النواب إلا الاستسلام والقبول بما تستوجبه مصلحة الوطن.

أما إذا فكر صانع القرار بمنطق النواب الراغبين بالبقاء في المشهد، فسنكون أمام مأزق وحالة فريدة من غياب النضوج السياسي والاستبداد المستقر.

أضف تعليق